هذه الرواية أن الرأي في سنده أنه حديث ضعيف، وأنه من أوهى مراتب الضعف، لأن رواته بين متروك وضعيف ووضاع وكذّاب ومنكر ومختلف فيه. وإذ قد طعن الأئمة في جميع أسانيده فلا يكتسب قوة باختلافهم. والقاعدة أنه إذا تعارض الجرح والتعديل فالجَرح مقدم، كما قرّره علماء الحديث والفقه والأصول.
ويناقش المؤلف بعد هذا ما رواه السيوطي عن المِزِّي، وما ذكره المناوي من تقوَّي الحديث الضعيف بكثرة الطرق والمتابعات. ولتأكيد رأيه يتحدث شيخنا عن الضعيف وأقسامه، ويجعل منه ما ينتهي به الضعف إلى الوضع، ومنه ما يرتقي به إلى درجة الحسن عند بعضهم. وهذا وهم. فإن حديث: من حفظ من أمتي أربعين حديثاً من أمر دينها بعثه الله يوم القيامة في زمرة العلماء، مع كونه مروياً عن جماعة من الصحابة، ومتعدد الطرق، فلم يرفعه هذا عن درجة الضعف، فإن الحفاظ اتفقوا على ضعفه، لأن جميع طرقه لم يخلُ من علّة. ذكر هذا ابن حجر نقلاً من النووي.
ولتقرير هذه الحقيقة ذكر الإمام الأكبر النوعين من الحديث الصحيح والضعيف، معرّفاً الأول بأنه ما تغلُب على الظن صحّة نسبته إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - نظراً لحسن الظن برواته، مع احتمال مرجوح جداً بأن يكون مكذوباً، وكذلك الحديث الحسن. والثاني وهو الضعيف سُوّي فيه ظنّ احتمال عدم صدقِ نسبتِه إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - مع ظنّ احتمال صدق نسبته إليه.
وبتكرر طرق الحديث الصحيح أو الحسن يتأكد ظنَّ الصدق والحسن بظنون راجحة مثلهما. وبتكرر طرق الضعيف يبقى هذا على احتماله، ولا يكتسب قوة بتكرر الطرق. وما قرّره الشيخ رحمه الله