للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علماء السنة اتفقوا على عدم قبول الحديث الضعيف فيما عدا فضائل الأعمال.

ومن جهة النظر يعود شيخنا رحمه الله إلى القسمين المتقدِّمين من الآثار المروية في قصّة المهدي المنتظر. ويقف عند القسم الأول، فيشير أولاً إلى الأسباب التي روّجت لظهور هذه الأخبار الكثيرة، ولتطايرها في الآفاق، وثانياً إلى ما يمكن أن تحدثه الروايات والطرق لهذا الحديث من الريبة في صحته، لشدّة حرص مُشِيعيه على رواجه بين الناس. ويحملنا هذا الأمر أيضاً على التساؤل عن إحجام إمامي الجامع الصحيح البخاري ومسلم عن إخراجه في كتابيهما مع ما توافر لهذا الخبر من الرواية عن ثمانية عشر صحابياً بأسانيد مختلفة. وهو يختم بعد ذلك هذه الملاحظة بقوله: وإنه لمن الغريب أن يسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قضية أهم وأوكد، وهي قضية الخلافة، فيترك الخوض فيها لاجتهاد أصحابه يبحثون عن طريق حلها في إشارات من أفعاله - صلى الله عليه وسلم - في حياته. وفيما يتطلّعون إلى ما يحقّقه من المصلحة العامة، ويولي اهتمامه قضية قائم يقوم في أمته في آخر الزمان فيملأ الأرض عدلاً بعد أن ملئت جَوراً. وخلاصة القول لدى الإمام من هذه الوجهة أن روايات هذا الحديث مستبعدة مسترابة، لا نستثمر منها عقيدة لازمة، ولا مأمورات جازمة.

فإذا تحوّل إلى القسم الثاني من الروايات النازلة في الضعف عن تلك الطرق، قال: إنها إذا تأملها الناقد البصير وجد مخيّلةَ التحزب والعصبية واضحة فيها، ووجد معظمها يصوّر اليأس من الحكم الأموي، ومن نجاح أمر الأمة على يديه، وأن هذه الغاية لن يتمّ بلوغها إلا بتولي بني هاشم الأمر، سواء أكانوا علويين أم عباسيين أم هاشميين زبيريين. وإنك متى تتبعت آثاره في هذا القسم الثاني وجدت

<<  <  ج: ص:  >  >>