للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهَا} عن أصحابك، فلا تسمعهم، {وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا} (١).

هذا الخبر ليس مروياً عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولكنه بيان من ابن عباس - رضي الله عنهما - للآية. وقد اشتمل عليه التعليق كما في الحديث السادس السابق، وجعله المؤلف فقرتين أيضاً.

الأولى: في النهي عن سبّ المشركين لتجنيبهم سبّ القرآن ومن أنزله ومن جاء به، فإنهم كفروا بما هو أشد وأقطع من قول وفعل، ولكن لما في النهي من سدّ لذريعة السبّ، فلا يزدادون كفراً ولا يزدادون قسوة في قلوبهم ولا نفوراً عن الإسلام. فإن ذلك يتعارض مع أصل الدعوة والرسالة، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث مرغباً لا منفّراً. وينظر قوله تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ ...} إلى قوله عز وجل: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ} (٢). وبالرغم من كون سبّ آلهتهم قربة، نهى الله رسوله عنها لأنّها ذريعة لازدياد كفرهم وتصلّبهم فيه.

وفي بيان معنى الاختفاء بمكة يريد به على وجه الاستعارة: الانزواء والاستضعاف، إذ ليس المقصود منه الاختفاء الحقيقي لمنافاته لقوله: فكان إذا صلى بأصحابه رفع صوته.

والثانية: نقل لما ورد ببعض النسخ الأم من التعليق بما نصه: قال الفربري: قال محمد بن عياش: هُشيم صاحب تدليس. وفي أخرى قال محمد بن عباس: وابن عياش هذا غير معروف لديَّ. وهو لا محالة أحد أصحاب البخاري المتقدمين على الفربري ومن جاء بعده (٣).

* * *


(١) ٦٥ كتاب التفسير، ١٤ باب: ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها. خَ: ٥/ ٢٢٩.
(٢) الأنعام: ١٠٨.
(٣) النظر الفسيح: ٢٥٤ - ٢٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>