للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

توقف المؤلّف عند هذه الجملة وحدها لبيان معنى الجليس وحقوقه.

الجلساء، التعريف في هذا اللفظ للتعظيم. وهو على حد قول الشاعر:

هم القوم كل القوم يا أم مالك

وواحد الجلساء: الجليس، وهو المشارك فى المجلس. ولكون المجالس والجلساء تختلف، ميّز الله في هذا الحديث القدسي الجليس الذاكر لله عز وجل بكونه أكرم صنف، وميّز فئة، فقال: "هم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم". وفي هذا إيماء قوي يرفع منازل هؤلاء الجلساء، لأنّهم يجتمعون على ذكر الله.

ومعنى "الجلساء لا يشقى بهم جليسهم" أنه لا يكون دونهم منزلة، وأنهم لا يتميّزون عليه تميّزاً يلحق به أذى. فهم سعداء متلائمون متوادّون.

وقوله: "لا يشقى بهم جليسهم" يحتمل السببية أو الملابسة. فالباء من "بهم" سببية، وهي بمعنى لا يكون الجلساء سبباً في تعب جليسهم وإعناته وإيذائه. وهذا كما في قول الطرماح:

وإني شقي بآلام ولا ترى ... شقياً بهم إلا كريم الشمائل

أو توسع في استعمال الباء للدلالة على الملابسة، وصار المعنى انتفاع جليسهم بهم على وجه الكناية، إذ في السلامة من الأذى إكرام له. قال الشاعر:

وكنت جليس قعقاع بن شور ... ولا يشقى بقعقاعٍ جليس

أراد أن جليسه مكرم سعيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>