للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٨٥، ١٨٧). وبمجموع ذلك حصل تعيين العبادة المفروضة، وتحديدها، وحصر زمانها. فوجب على الناس تعيين هذا الشهر مبدأ ونهاية. وكان العمل في ذلك يوم نزول القرآن للتعريف بحدود الشهر الاحتكامَ إلى تجدد ضوء الهلال عقب محاقه. ولمعرفة وجود الهلال عقب المحاق في علم الله طرق:

الرؤية البصرية: وهي الطريق الحسي الضروري الذي لا خلاف في العمل به.

مرور ثلاثين ليلة من وقت استهلال الهلال الذي سبَقَه: وهذا الطريق قطعي تجريبي، إذ رصد الناس، في جميع الأرض، وفي كل العصور، أحوال ظهور الهلال فوجدوه لا يتأخّر عن ذلك التقدير من الأيام، وتحقق لديهم ذلك واشتهر. فصار قطعياً. وهذا لا خلاف فيه بين الأئمة.

دلالة الحساب الذي يضبطه العلماء بسير النجوم: وهو علم لا يتطرق قواعدَه الشكُّ، وحساب تحققت سلامته من الغلط، ويسمى هذا الحساب تقويماً. وجرى العمل به في التقويم الشمسي قديماً وحديثاً، واتبعه المسلمون في تحديد أوقات الصلوات، وأوقات الإمساك والإفطار في رمضان. والتقويم القمري مثله ولا يختلف عنه، وقد جَرَّبَه العرب إلا أن فقهاء المذاهب الأربعة منعوا العمل في إثبات الشهر الشرعي بحساب المنجمين وأهل التقاويم، ويبدو أن هذا الموقف كان بسبب أن وجود الهلال لم يكن يعرف في العصور الماضية سوى بالرؤية. لذلك قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غمّ عليكم فاقدروا له". ويتعين أولاً أن نلاحظ خلو متن الحديث من صيغة قصر الصوم على حالة رؤية الهلال. وقياس حساب المنجمين على رؤية الهلال قياس جلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>