للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنه لمن المفيد في هذا الباب عندما نتحدث عن عنايته بالمادة اللغوية أن نذكر أمثلة لذلك نستجليها من التحرير والتنوير قبل أن نتحدث عن تحقيقاته اللغوية، أو مباحثه ومقالاته في هذا الفن. وكذلك نفعل بعدُ إن شاء الله عند التأمل في عرضه لقوانين العربية وأساليب العرب في أفانينها القولية وتصرفاتها النظمية.

وإنه ليكفي للوصول إلى هذه الغاية أن تمد يدك إلى أية صفحة من صحف التحرير، في أية آية تعرض لك، وأيّ موضوع يطالعك لتلمس من قريب طريقته، وتقف على منهجه في كل علوم اللغة وأسرارها.

فهو عندما يقف عند اللفظ لتفسيره وبيان مدلوله يهتم بالكشف عن معانيه بضبط وتحقيقٍ، مما خلت عن ضبطه كثير من قواميس اللغة (١)، ويتصرّف في إبراز ذلك بذكر أصله وبيان اشتقاقه، والإشارة إلى جملة معانيه مستجلياً الأفهام المختلفة منه، مقارناً بينها ومرجحاً، بحسب ما يقتضيه السياق ويحدّده المقام. وبقدر ما يعتمده من النقول عن اللغويين وأئمة الأدب المتقدّمين في ذلك، يلجأ في غالب الأحيان إلى الطريقة التطبيقية من خلال القواعد العربية للكشف عن دلالات المادة اللغوية، كما كان يفعل الأئمة من رجال القرن الرابع.

وهنا عيّنات من التفسير للمادة اللغوية نكتفي منها بأمثلة ثلاثة: هي تفسيره أو تعريفه للملائكة، وبيانه وتحقيقه لمعنى المال، وضبطه وتفريقه بين السَّلْم والسَّلَم.


(١) محمد الطاهر ابن عاشور. التحرير والتنوير: ١/ ١، ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>