مقاربة الفعل كان قبل الذبح حين كرّروا السؤال وأظهروا المطال، ثم وقع الذبح بعد ذلك. وبهذا الوجه أخذت جماعة اعتبرت كأن الفعل وهو الذبح وقع فجأة بعد أن كانوا بمعزل عنه. وهو بعيد إذا جعل الواو للاستئناف.
وإما على تقدير اختلاف أئمة العربية في مفاد (كاد) المنفية في نحو: ما كاد يفعل. والآراء في هذا متعددة تحتاج إلى بيان ومقارنة.
١ - ذهب الزجاجي إلى أن نفيها يدل على نفي مقاربة الفعل. وفي هذا القول وقوف مع قياس الوضع، وهو دليل على انتفاء وقوع الفعل بالأولى. فيكون إثبات {كَادَ} نفياً لوقوع الخبر كما في قولك: كاد يقوم، ويكون نفيها نفياً للفعل بطريق فحوى الخطاب. وما ورد مما يوهم خلاف ذلك مؤول بأنه باعتبار وقتين فيكون بمنزلة كلامين. ومعتمد هذه الآية: فذبحوها الآن وما كادوا يفعلون قبل ذلك. وهذا جار في كلام العرب، فربما جعلوا الجمع بين خبرين متنافيين في الصورة قرينة على قصد زمنين. وبهذا قال ابن مالك في الكافية:
قدْ (كدتَ) تصبو منتفٍ فيه الصَّبَا ... و (لم يكد يصبو) كمثل (إن صَبَا)
وغيرُ ذَا على كلامين يرد ... كـ (ولدت هند وكادت لم تلد)(١)
٢ - وقال نحاة آخرون: إن إثبات (كاد) يستلزم نفي الخبر، وإن نفيها يصير إثباتاً على خلاف القياس. وهذا اتجاه معلوم ومشهور بين أهل الإعراب. وقد ألغز فيه المعرّي بقوله: