للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا قال عبد القاهر. وأشار إلى أن ذلك استعمال جرى به العرف. يريد أنه من قبيل المجاز التمثيلي بأن تشبه حالةُ مَن فَعل الأمر بعد عناء بحالة من بعُد عن الفعل. وقال ابن مالك في التسهيل: وتنفي (كاد) إعلاماً بوقوع الفعل عسيراً أو بعدمه وعدم مقاربته.

٤ - وقال آخرون: إنّ (كادَ) إن نفيت بصيغة المضارع فهي لنفي المقاربة، وإن نفيت بصيغة الماضي فهي للإثبات، وشُبهتهم أنها جاءت كذلك في قوله سبحانه: {لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا}، وقوله تعالى: {وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} ونفي الفعل الماضي لا يستلزم الاستمرار إلى زمن الحال بخلاف المضارع.

٥ - وزعم آخرون أن أصل (ما كاد يفعل) (كاد ما يفعل)، وأن هذا من القلب الشائع.

ويمضي صاحب التحرير بعد ذكر هذه الأوجه الخمسة من أقوال اللغويين والنحاة، وتفصيل القول فيها وتأكيدها بما أقامه من شواهد وساقه من أمثلة، إلى المقارنة بينها والقول بأن أحقها عنده هو المذهب الثاني الذي رمز له المعرّي. وهو أنَّ نفيَها في معنى الإثبات. فإنّهم لما وجدوها في حالة الإثبات مفيدة للنفي جعلوا نفيها بالعكس كما فعلوا في (لو) و (لولا). ودليله على هذا مواضع استعمال نفيها، فإنك تجد جميعها بمعنى مقاربة النفي لا نفي المقاربة. ولعل ذلك من قبيل القلب المطّرد، فيكون قولهم: ما كاد يفعل، ولم يكد يفعل، بمعنى: كاد ما يفعل.

وقد ردّ، بعد هذا الضبط اللغوي للاستعمال، والتحقيق النحوي في المسألة، مقالةَ ابن مالك في التسهيل، ودعوى المجاز التي أشار إليها الجرجاني قائلاً: وإن ممّا يضعف ذلك اطراد هذا الاستعمال

<<  <  ج: ص:  >  >>