للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي التأريخ لهذا العلم يذكر الشيخ ابن عاشور أن علم البلاغة لم يخصّ بالتأليف إلا في أواخر القرن الثالث الهجري بوضع ابن المعتز لكتاب البديع، ثم جاء الجرجاني بمؤلفيه دلائل الإعجاز وأسرار البلاغة، وقفاهما السكاكي، فصنع كتاب مفتاح العلوم في علوم العربية وأودع القسم الثالث منه بحث الفنون الثلاثة: المعاني والبيان والبديع (١).

ونبّه الشيخ ابن عاشور إلى أهمية هذا العلم عند تعريفه له بقوله: "هو العلم بالقواعد التي بها يعرف أداء جميع المراد بكلام ذي أساليب خاصة واضحة مع ما يعين على قبوله. وذلك بتوفيته خواص التراكيب حقها، وإيراد أنواع التشبيه والمجاز والكناية على وجهها، وإيداع المحسنات بلا تكلّف، مع فصاحة الكلام والحذر من العيوب العارضة كالتنافر والغرابة ومخالفة أحكام الإعراب" (٢).

وقد حمله هذا كله على وضع كتابه موجز البلاغة، مريداً بذلك تقوية العلوم اللغوية والأدبية لدى الطلاب، وتقديم ما ينفعهم من المسائل، ممهِّداً بصنيعه هذا إلى دراسة الكتب الواسعة في هذه المادة. ولقد عَنَى هذا بقوله: فرأيت أن أضع لهم مختصراً وجيزاً يلمّ بمهمات علم البلاغة، ليكون لهم كالمقدمة لمزاولة دروس مختصر التفتازاني. وضعت هذا المختصر وضع من يقصد إلى تثقيف طلبة هذا العلم بالمسائل النافعة المجرّدة عن المباحث الطفيفة في شؤون البلاغة الثلاثة من المعاني والبيان والبديع (٣).


(١) محمد الطاهر ابن عاشور. موجز البلاغة: ٦.
(٢) المرجع السابق: ٥ - ٧.
(٣) محمد الطاهر ابن عاشور: موجز البلاغة: ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>