للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{السَّائِلِينَ} (١). فلما لاح لي ذلك وتتبعته تبين لي أنَّ توجيه السؤال إلى المرأة بُني على ملاحظة الغرض الذي من شأن المرأة أن تسأل عنه، ثم انتقلتُ إلى البحث عن كل مقام فيه ملاحظة الأغراض التي من شأن المرأة أن يكون لها الحظ الأوفر فيها من الاعتبار أي من الشؤون التي يغلب على النساء الاهتمام بها أكثرَ من اهتمام الرجال. فكل ذلك مما يقيمون كلامهم فيه على منوال التأنيث.

وهكذا ضبط صاحب المقالة صور توجيه الخطاب إلى المرأة وطرقه في الشعر عند العرب. ولكنه لا يفتأ أن يقول إثر هذا: ثم وجدت توجيه الخطاب إلى المرأة في مواضع أخرى غير طلب السؤال عن خبر، فاتسع لي باب طرقته. فإذا وراءه كُوَى، تطل منها أفنانٌ لا يعتريها ذبول ولا ذوى.

ويحاول الإمام ضبط هذه الأغراض أو تقريبها، فيستجلي بذهنه ما مرّ به في بحوثه ودراساته، ونظره ومطالعاته. فإذا هي لا تعدو خمسة أغراض سبرها سبراً.

ونحن قبل أن نتعرّض لهذه الأغراض من طرق توجيه الخطاب إلى المرأة، لا بد لنا من الرجوع إلى أشعار العرب وأقوالها مؤتسين في ذلك بعمله الدقيق في هذه المقالة، إذ جعل الشواهد مرجعَ استنتاجه وطريق وصوله إلى تقريراته في هذا الشأن:

الغرض الأول: أنه كان من عادة النساء العربيات العناية بالأخبار والحوادث، يعمرن بالحديث عنها آناء اجتماعهن في الأسمار. فمن أجل ذلك يتناقلنها وتُشيعها المرأة والأخرى، وينبسطن بالحديث عنها إلى رجال بيوتهن في أسمارهم. ومن ذلك


(١) البقرة: ١٧٧؛ يوسف: ٧؛ فصلت: ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>