أقبل الإمام الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور من حين نشأته على حفظ مختارات من شعر المتنبي واستظهارها، وعلى ما ألفاه في المعهد، وفي البيت، وفي المجالس العلمية التي كان يشهدها، والمجالس الأدبية التي كان يغشاها، ثم على ما وجده بين يديه من كتب ودراسات ومراجع تشهد كلها بعناية أهل الأدب بشعر أبي الطيب وأدبه، وبجوانب حياته كلها، وتصوِّرُ مجتمعةً معالمَ أدب أبي الطيب، كاشفة عن أسرار نبوغه. وفي هذا ما يحملنا على أن نلج في صحبة شيخنا مكتبة المتنبي، لنرى ما كان متوافراً لديه منها من كتب قيمة ودراسات عميقة، هي الأساس في بناء شخصية الإمام الأدبية، كما كان للمَراجع والدراسات الشرعية أثرُها الكبير في جعله في هذا القرن نسيج وحده، وفريد عصره.
وإن ما سنذكره من تصانيف ومؤلّفات، مخطوطة كانت أو مصوّرة أو مطبوعة، ليشهد بما اكتملت به عناصر قدراته الذهنية وطاقاته الفكرية، إذ ألمّ أو كاد في مكتبة أبي الطيب بما نذكره وبما نكون قد أغفلنا ذكره من كتب ورسائل معروفة، وقف عليها أكثر الناس من شداة الأدب وطلاب علومه وفنونه.
فمن المراجع العامة التي كان بدون شك يتردَّدُ عليها للاستفادة منها: يتيمة الدهر للثعالبي، ووفيات الأعيان لابن خلكان، وتاريخ بغداد للخطيب، ونزهة الألباء لابن الأنباري، والأنساب للسمعاني، والإرشاد لياقوت، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي، وشذرات الذهب لابن العماد، والخزانة لعبد القادر البغدادي ونحوها.
وكان فيما يعود إلى حياة أبي الطيب وعقيدته وأخلاقه وشعره وعلاقاته وكثرة تنقله في البلاد يعود من حين إلى آخر إلى كتاب