لقد تركتني أم عمرو ومقلتي ... همول، وقلبي ما تقرُّ بلابلُه
تطاول هذا الليلُ حتى كأنّما ... إذا ما انقضى تُثنى عليه أوائله
وأما قول أوس بن حجر واستشهاد أبي الفتح به، وهو فُويق جُبيل، فهو مختلَف في تصغيره. فبعضهم ذهب إلى أن كل جبل شامخ له نادر يَندُرُ منه ويشخصُ فهو الجُبيل، ومنهم من وافق أبا الفتح. والقاطع في تصغير التعظيم قول لبيد، أنشده أبو عُبيد القاسم بن سَلَّام في الغريب المصنّف:
وكلّ أناس سوف تدخُلُ بينهم ... دُويهيةٌ تصفرُّ منها الأناملُ
وصُفرةُ الأنامل من الموت، وليس في الدواهي أعظم منه. قال ذو الرمة:
لاحظ أبو القاسم في هذا البيت اشتماله على استطالة الليلة، وعلى تصغيرها، ونبّه إلى المراد من ذلك كلَّه مبطلًا ما ذهب إليه ابن جنّي، زاعماً أن استطالة الليل مختلف فيه بين الشعراء والأطباء، وأنه ليس بين الشعراء وبين الأيام تعلّق في أمرِ ما يُسهر. ولتوجيه فهمه واختياره ذكر شواهد من كلام ثلة من الشعراء: مثل ابن الدُّمينة، والطرمّاح، والنابغة، والكميت، وأبي تمام. ثم اتجه إلى بيان معنى البيت إن ذهبت له مذهب العدد، فجعل الليلة مثل ليالي الأسبوع طولاً، وإن ذهبت بالواحد والستة مذهب الضرب أفاد ذلك معنى لطيفاً هو الزيادة إلى قدام أو الرجوع إلى الوراء. وفي هذا أيضاً ذَكَرَ أبياتاً لبعض الرُّجّاز ولأوس بن حجر وغيرهما. وأما إفادة التصغير