للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما تناولته تعاليق الإمام الأكبر بيان اختلاف آراء الشراح لديوان شعر المتنبي. والاقتصار على وجه واحد من تلكم الأفهام يقصر بالناظر عن إدراك المقصود بصورة قطعية. ولذلك فإنا نجده فيما كتبه ابن جنّي على بيت المتنبي:

تبلُّ خدِّيَ كلما ابتسمت ... من مطر برقه ثناياها

يتعقبه بقوله: جعل أبو الفتح إسناد تبلّ إليها إسناداً حقيقياً، وأبو القاسم جعله مجازاً عقلياً، أي تتسبب في بلّ خدّي بالدموع، ووافق الواحدي في شرحه التفسيرَ الذي قاله أبو القاسم، وحكى الواحدي عن ابن فورجه موافقته لأبي الفتح. وحكى المعري في معجز أحمد سبعة أقوال في تفسير هذا البيت غير معزوة، أحدها مثل ما لابن جنّي، وآخر مثل ما لأبي القاسم (١).

ويتبع هذه المقارنة بين الأفهام المختلفة مع الترجيح أو الانتصار لبعض أصحابها. وهو فاش في كتاب الواضح. مثاله قول المتنبي:

لَياليَّ عند البِيضِ فَوْدَايَ فتنةٌ ... وفخرٌ وذاك الفخرُ عِنديَ عَابُ

اختلف في معنى هذا البيت ابن جنّي والأصفهاني. وقال الشيخ ابن عاشور: معنى أبي الفتح ومعنى أبي القاسم متقاربان، وإن كان معنى أبي القاسم أصرح (٢).

- ومن ذلك الاختلاف في معنى قول أبي الطيب:

وترى الفضيلة لا ترد فضيلة ... الشمس تشرق والسحاب كنهورا

عقب عليه الشيخ ابن عاشور بقوله: ذكر أبو البقاء اختلاف


(١) الأصفهاني. الواضح: ٨٥/ ٢.
(٢) الأصفهاني. الواضح: ٣٦/ ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>