للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النقاد في هذا النوع من التصرّف في الأقاويل الشعرية يقول الإمام الأكبر:

واعلم أن الأدباء يطلقون اسم السرقات الشعرية على أن يأخذ الشاعر معنى سابقاً في شعر من قبله فيودعَه في شعره قصداً، ويعلم القصد بقرينة الإحاطة بذلك المعنى. فكل من الأخذ والسرقة نوعان: ظاهر وغير ظاهر. الظاهر أن يؤخذ المعنى كله إما مع اللفظ كله أو بعضه. فإن أخَذ اللفظ كله من غير تغيير فهو مذموم، ويلحق به أن يُبدل بعض الكلمات بما يرادفها، وإن كان مع تغيير لنظمه، فإن كان شعر الشاعر الآخذ أحسنَ من شعر سابقه فممدوح. وهو ما يقال فيه استجدّه فاستحقّه. وإن كان أقلّ منه فهو مذموم. وإذا أخذ اللاحق من السابق المعنى وحده سُمّي إلماماً وسلخاً، وهو أقسام، ويغتفر من الأخذ ما فيه حُسن تصرّف من الآخذ في المعنى المأخوذ (١).

وإنما ذكر هذا في مقدمة السرقات لتوزن هذه بميزان العدل والقسط لا الهوى أو التحامل.

وقد يكون من المفيد أن نتبيّن أهمية هذا المؤلَّف بما أورده ابن السرّاج من أبيات مشكل شعر المتنبي وشرحها. وقد وزع كل واحد من هذين النوعين على ترتيب القوافي، فكانت جملة ما ذكره من أبيات النوع الأول ٢١٢، وجملة ما أثبته من أبيات النوع الثاني ٢٩٦. فكتاب سرقات المتنبي ومُشكل معانيه يكون قد تناول بالشرح والنقد ٤٨٩ شاهداً أو بيتاً من شعر أبي الطيب.

ولعل من المناسب أن نتولّى، إثر هذا، تفصيل القول في شيء


(١) المقدمة: ك.

<<  <  ج: ص:  >  >>