الدواوين. والحق أن الشاعر أيضاً يحتاج إلى قسم من هذه العلوم وإلى مثلها، كما فصل ذلك رجال النقد، وفي مقدّمتهم حازم القرطاجني في منهاج البلغاء في أقسامه الثلاثة: المباني والمعاني والأسلوب.
واستنتج المرزوقي من الواقع، ومن هذه الآراء المفصّلة الأغراض في مواضع من نهاية المقدمة، يسانده الإمام الأكبر:"لما كان الأمر على هذا صار وجود المضطلعين بجودة النثر أعزّ، وعددهم أغزر، [لصعوبة هذا الفن وشدّة الاحتياج إليه في مناحي الحياة ومختلف الدوائر. وقد وَسَمت الكتابةُ المترسِّلين بشرفها وبوأتهم منزلة رئاستها ...] أما الشعراء فإن أغراضهم، وإن كانت رائعة للنفوس، ومرغوبة عند أهل الذوق السليم، لكنهم دون الكتاب لأن مرتبة هؤلاء مهيبة، وآثارهم عجيبة"(١).
وشارح المقدمة في كل قضية من قضايا النقد يبحثها، يروي عن هؤلاء وغيرهم كالجاحظ والخوارزمي من الأدباء الكتاب، وعن عدد من الشعراء والخطباء المتقدّمين، وعن طائفة من المولّدين أمثال أبي الطيب والمعري وابن زيدون فيحلل آثارهم، ينقدها مرّة، ويقارن في كل طائفة منهم بين مسالكهم ومناهجهم الفنية مرّة أخرى، مثبتاً مراجعه في هذا الغرض بما ينقله عن دلائل الإعجاز، والمفتاح، والبيان، والكامل، والمثل السائر، والمقامات، والعمدة، ونقد الشعر، والموازنة، والأغاني، وجمهرة أشعار العرب، وجمهرة الأنساب، وتاج العروس، إلى غير ذلك من كتب الأدب واللغة والبلاغة والنقد.