للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكر ذلك المؤلف في مقاصده حين قال: إذا رخص الإسلام وسهل فقد جاء على الظاهر من سماحته، وإذا شدّد أو نسخ حكماً من إباحة إلى تحريم أو نحو ذلك فلرعي مصالح الأمة والتدرج بها إلى مدارج الإصلاح والرفق. وعلى هذا الأساس يكون القصد من مخاطبة الأمة بالشريعة امتثالَهم لها، وأن يكون عملهُم بها كاملة. وهذا المقصد لا يناسبه وضع الشريعة للاستدلال بالنسبة لعموم الأمة، لأن الطريق الذي سلكوه بعد إيمانهم إنما هو طريق التسليم والامتثال (١). وبهذا يتحقق المطلب الأساس بعد الإيمان وهو الاستقامة. روى أبو عمرة الثقفي أنه قال: قلت: يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً. قال: قل: آمنت بالله ثم استقم (٢).

- وضبط الأحكام الخمسة من حل وحرمة وندب وكراهة وإباحة للسلوك الذي يتعين على المؤمن الالتزام به في هذه الحياة. ومن أجل تحقيق مطلب الاستقامة الذي قضت به الشريعة وجعلته مقصداً من مقاصدها، يقول الشيخ الإمام الأكبر: إن للأحكام الخمسة آثارها من الأعمال. ولا يستقيم حال المسلم إلا بجميعها. وإنما تتفاوت مراتب الصلاح في الزيادة والنقصان مما يقبل الزيادة والنقصان منها. فالرجل الصالح ينقص من الأشياء المفضولة ليتفرغ بذلك النقص إلى التوفير من الأشياء الفاضلة، وغير الصالح بعكس حاله. ومرتبة الواجبات والمحرّمات لا تقبل زيادة ولا نقصاناً لأن النقصان من الواجبات والزيادة من المحرمات عصيان (٣). ويثبت المرء على دينه


(١) أصول النظام الاجتماعي في الإسلام: ١١٨ - ١١٩.
(٢) ملا علي قاري. مرقاة المفاتيح: ١/ ٢٦١، ٩٥.
(٣) أصول النظام الاجتماعي في الإسلام: ٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>