قال الأصوليون: التعليل إثبات العلل للأحكام الشرعية، لأن الأحكام لم تصدر عن الشارع عبثاً ولا تحكّماً، وإنما اقتضتها حِكَم وغايات هي المصالح. ويكون بيانُ علل الأحكام بالاجتهاد في استخراجها اعتماداً على الأدلة والمسالك الموصّلة إليها (١).
وللتعليل طرق متعددة منها:
أولاً: ذكر الوصف المسمى بالعلّة. فهو العَلَمُ على الحكم والمعرِّف به.
وثانياً: ذكر الوصف أي الحكمة والمنفعة، أو المصلحة والمفسدة.
وبهذا يصبح التعليل أساساً للتعرّف على المقاصد التي يبديها الشارع مرّة ويخفيها أخرى، وكلّها مقاصد شرعية.
وقد ترجم الشاطبي لهذا الغرض. وجرى على طريقته الشيخ ابن عاشور بوضعه فصلاً خاصّاً لإثبات وجود الوصف أو المقصد، وبيان طرق طلبه لدى فقهاء السلف وعند المتأخرين.
وتعرّض الشيخ ابن عاشور إلى الفئة القائمة على تعليل الأحكام فوصف منهجها، وتحدث عن خطّ سيرها قائلاً: رسم الفقهاء لأنفسهم طريقة للاستدلال في الفقه وأصوله ألجأتهم عن غير اختيار منهم إلى الاقتصار على الاستدلال بألفاظ الكتاب والسُّنة وأفعال الرسول - صلى الله عليه وسلم - وبالإجماع.
وتفيد النصوص من أقوال الشارع أحكاماً كلّية، كما تفيد أحكاماً جزئيّة. والمجتهدون ينتزعون من كل ذلك فروعاً: إما بطريق
(١) العالم. المقاصد العامة: ١٢٣؛ خلاف. مصادر التشريع: ٢٥.