للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقاصد. وهو يمثل طوراً من أطوار الارتقاء العلمي الذي يصل إليه الذهن. فإذا فُقد التعليل، وأَبطل الناسُ النظرَ في الترجيح ونحوه، ونزلت بالناس الحوادث واستجدّت، ولم يجدوا لهم من ذلك مخرجاً، فنزعوا إلى تلفيق الأحكام إما باستنباطها من كلام أئمتهم، وهو أمر غير جائز كما جاء في القاعدة الثانية قبل باب الصلاة من قواعد المقّري، وإما بالرجوع إلى عمل علمائهم في الأندلس وفاس وتونس. وذلك ما ردّه ابن العربي أيضاً ردّاً صريحاً فى كتابه العواصم (١).

لهذا السبب يعتبر التعليل أساساً للفكر التشريعي، كما قدمنا (٢).

ورغم ذلك نفى زعيم المدرسة الظاهرية بالأندلس الإمام ابن حزم التعليل والقياس، ودعا إلى ذلك صراحة في كتابه الإحكام حين قال:

وممّا صَرَفَ عدداً من الناس غيرَ قليل، عن القول بتعليل الأحكام، ما كان يلحق المُثبتين له من تهمة الانحراف عن الحق، بما يلزمهم من الأخذ بمذهب المعتزلة المتمثل في القول بوجوب فعل الصلاح والأصلح على الله تعالى، وبتأويلهم الغرض بالمنفعة العائدة إلى الفاعل. فمن فسره بالمنفعة العائدة إلى الفاعل قال: لا تُعلّل، ولا ينبغي أن ينازع في هذا. ومن فسّره، أي الغرض، بالمنفعة العائدة إلى العبد قال: تُعلّل. وكذلك لا ينبغي أن ينازع فيه (٣).


(١) محمد الطاهر ابن عاشور. أليس الصبح بقريب: ١٩٨ - ١٩٩.
(٢) شلبي. تعليل الأحكام: ٧٧.
(٣) ابن حزم. الإحكام: ٨/ ٩٧ - ٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>