للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم - في الصيد: "فإن وقع في الماء فلا تأكل منه، لعل الماء أعان على قتله" (١).

وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يذكر علل الأحكام والأوصاف المؤثّرة فيها ليدل على ارتباطها بها، وتعدّيها بتعدّي أوصافها وعللها كقوله في نبيذ التمر: "شجرة طيبة وماء طهور" (٢).

وأما الصحابة فقد كانوا يجتهدون في النوازل ويقيسون بعض، الأحكام على بعض، ويعتبرون النظير بنظيره ... وإن الحق ليعرف بالمقايسة عند ذوي الألباب (٣).

وروى الخطيب مرفوعاً (والرفع غير صحيح) قال: وقد اجتهد الصحابة في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - في كثير من الأحكام ولم يعنفهم. كما أمرهم يوم الأحزاب أن يصلّوا العصر في بني قريظة. فاجتهد بعضهم وصلَّوها في الطريق. وقالوا: لم يرد منا التأخير وإنما أراد سرعة النهوض فنظروا إلى المعنى، واجتهد الآخرون وأخروها إلى بني قريظة فصلوها بعد غياب الشمس. فنظروا إلى اللفظ.

وهؤلاء هم سلف أهل الظاهر، وأولئك هم سلف أصحاب المعاني والقياس.

واستدل آخرون على حجية القياس بالعقل فقال البهاري: إن القياس حجة لحكم شرعي. وكل ما هو كذلك فالتعبّد به واقع لأنه طلب للعلم. ولذلك أثبته الحكماء والمتكلمون وقالوا بفرضيته إجماعاً (٤).


(١) رواية هذه الأحاديث كلها مثبتة في الإحكام. الآمدي: ٤/ ٣٧.
(٢) ابن القيم: ١/ ١٧١.
(٣) ابن القيم: ١/ ١٧١.
(٤) فواتح الرحموت في شرح مسلم الثبوت: ٢/ ٣١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>