للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحد من القياسين وأَعلَمهما - صلى الله عليه وسلم - قائلاً لعمر: إنما بعثت بها إليك لتستمتع بها، وقال لأسامة: إني لم أبعثها إليك لتلبسها ولكن لتشققها خمراً لنسائك. والنبي - صلى الله عليه وسلم - إنما تقدم إليهما في الحرير بالنص على تحريم لبسه فقط. فقاسا قياساً أخطآ فيه؛ فأحدهما وهو أُسامة قاس اللبس على الملك، وعمر قاس التملك على اللبس. وهذا عين الباطل منهما لأن ما حرمه النبي - صلى الله عليه وسلم - من اللبس لا يتعدّى إلى غيره، وما أباحه من التملّك لا يتعدّى إلى اللبس. وهذا عين إبطال القياس (١).

ومن السُّنة أيضاً قوله - صلى الله عليه وسلم -: إن الله فرض فروضاً فلا تضيّعوها، وحدّ حدوداً فلا تعتدوها، ونهى عن أشياء فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها. فالحديث موجّه للصحابة ولمن بعدهم. فلا يجوز أن نبحث عما سكت عنه لنحرمه أو نوجبه (٢).

وذكروا من دلائل النهي عن العمل بالقياس إجماع الصحابة. وهو أن بعضهم نهى عن العمل بالقياس أو الرأي، وسكت الباقون عن الإنكار عليه. فكان ذلك إجماعاً على ترك العمل بالقياس.

ومن أمثلة ذلك قول أبي بكر: أيّ سماء تظلني، وأي أرض تُقِلُّني إذا قلت في كتاب الله برأيي.

وقول عمر: إياكم وأصحاب الرأي. فإنهم أعداء السُّنن، أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها فقالوا بالرأي فضلّوا وأضلّوا.

وصرّح أئمة التابعين وتابعوهم بذم القياس وإبطاله. وعللوا هذا


(١) ابن القيم: ١/ ٢٤٩.
(٢) ابن القيم: ١/ ٢٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>