سلكه عن تقدير واختيار بمنة الله وفضله. فقال واصفاً القسم الثاني من علم أصول الفقه بما يحتوي عليه من قواعد كلية فقهية جليلة، كثيرة العدد، عظيمة المدد، مشتملة على أسرار الشرع وحِكمه: فلكل قاعدة من الفروع في الشريعة ما لا يحصى، ولم يذكر منه شيء في أصول الفقه. ولهذا الغرض وضع كتابه الفروق للقواعد خاصة، مضيفاً إليها قواعد كثيرة ليست في الذخيرة. فازدادت بذلك بسطاً وإيضاحاً، وتنبيهاً على ما اشتمل عليه كتابه الفروق من أسرار فقهية تضمّنها ما جمعه من القواعد. وهي خمسمائة وثمانية وأربعون قاعدة، أوضح كل واحدة منها بذكر ما يناسبها من الفروع حتى يزداد انشراح القلب لغيرها (١).
واعتباراً لهذه المزايا تتبعت إحالات الشيخ ابن عاشور على كتاب القرافي الفروق. فوجدته جامعاً تفاريقها في نحو ستة موضوعات. كان فيها إما ناقلاً متأسيّاً، وإما مستدركاً ناقداً على نحو ما أشرنا إليه أعلاه.
فمن الموضوعات التي يظهر الالتقاء فيهما بين الإمامين وتجاوبهما في خدمة القواعد والأسرار ما أخذه الثاني عن الأول، أو عقّب به صاحب المقاصد على كلام القرافي كما سيتجلّى لنا ذلك من الأمثلة. وعدد الموضوعات التي حصرناها لغرضنا هذا خمسة عشر رددناها اختصاراً إلى خمسة مواضع في الفروق.