ما هو مجمع على عدم سدّه؛ كزراعة العنب، والتجاور في البيوت.
ومجمع على سدِّه؛ كحفر الآبار في طريق المارَّة.
ومختلف فيه؛ مثل بيوع الآجال.
وعلق الشيخ ابن عاشور على هذا التقسيم بقوله:"ولم يبحث القرافي عن وجوب الاعتداد ببعض هذه الذرائع دون بعض. وهو عندي التوازن بين ما في الفعل الذي هو ذريعة من المصلحة، وما في مثاله من المفسدة فيُرجع إلى قاعدة تعارض المصالح والمفاسد. ومثّل لذلك بالاحتياط؛ وهو الأخذ بقاعدة ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وبالجهاد، وهو مفسدة في الأنفس والأموال، ولكنه آيلٌ إلى حماية البيضة، وحفظ سلامة الأمة، وبقائها في أمن".
ومقصد سدّ الذرائع مقصد تشريعي عظيم استفيد من استقراء تصرّفات الشريعة في تشاريع أحكامها، وفي سياسة تصرّفاتها مع الأمم، وفي تنفيذ مقاصدها. فله في الشريعة ثلاثة مظاهر. وبعد ذكر التقسيم للقول بسد الذرائع، وجعل هذا الأمر واجباً حتماً يعلّل ما ذهب إليه الإمام مالك بقوله: فذلك هو وجه اعتداد مالك بالتهمة فيها، إذ ليس لقصد الناس تأثر في التشريع، لولا أن ذلك إذا سقط صار القصدُ مآلَ الفعل، وهو مقصود للناس استحلوا به ما مُنع عليهم.
وينتهي الشيخ ابن عاشور من مقالته هذه في مناقشته القرافي إلى أن سدّ الذرائع قابل للتضييق والتوسّع في اعتباره بحسب ضعف الوازع في الناس وقوّته. ويضيف إلى هذا قوله: ولولا أن سدّ الذرائع قد جعل لقباً لخصوص سد ذرائع الفساد، لقلنا: إن الشريعة