للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والموانع هي العوارض وهي أربعة أنواع: جبليّة، وشرعية، واجتماعية، وسياسية (١).

والمساواة هي الظاهرةُ البارزةُ المميّزةُ لهذه الشريعة. وهي مناط العدل وإثبات الحق. والأخوةُ في الدين بين جميع المسلمين تمثّل وحدة، يتحد بصفة عامة فيها، الفكر والتوجّه، ويخضع كل أفرادها إلى تشريع واحد يدينون لله به. وهو تشريع لا يتأثّر بقوّة أو ضعف، يَحمِل دوماً على مراعاة هذا الأصل، وعلى نبذ كل ما عداه من أسباب المجافاة للحق التي قد تخامر العقل، أو يحمل عليها نوع من أنواع العصبيّات النسبيّة أو القبليّة. فالمساواة حقيقة أقرها المنهج الإسلامي، وفرض سلطانها، ورعايةَ المؤمنين جميعِهِم لها. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} (٢). وفي هذا تقرير للمساواة بين أفراد الجنس البشري، كما يدل على ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -، في القضاء وجوباً على كل ميز عنصري: "كلكم لآدم وآدم من تراب" (٣).

والتساوي في حقوق الحياة في هذا العالم بحسب الفطرة، لا على ما يكون من تفاوت في الألوان والصور والسلائل والأوطان. ومن أغراض هذا المقصد في أصول التشريع حقّ الوجود في حفظ النفس والنسب والمال، وحق الاستقرار في الأرض التي اكتسبها النالس أو نشأوا فيها، وحق حفظ أسباب البقاء على حالة نافعة ولا


(١) المقاصد: ٢٧٩ - ٢٩١.
(٢) سورة النساء، الآية: ١٣٥.
(٣) رواه البزار؛ مجمع الزوائد: ٨/ ٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>