للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسائل العلوم الأخرى. ثم إلى تعويضه بعلم المقاصد الشرعية الذي هو أوسع منه لما فيه من المقاصد القطعيّة والمقاصد القريبة منها والظنّية.

فالمقاصد الشرعية القطعيّة هي ما يؤخذ من متكرر أدلة القرآن تكرراً ينفي احتمال قصد المجاز والمبالغة. وذلك كمقصد التيسير الذي وردت به جملة من الآي الكريمة تَتْبعها الأحاديث النبوية الشريفة. قال الله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْر} (١)، وقال: {هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (٢)، وقوله - عز وجل -: {عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ} (٣)، وقوله: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ} (٤).

ومثل هذا التكرار والتأكيد لطلب اليسر أو التيسير ورد في السُّنة أيضاً في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "عليكم من الأعمال ما تطيقون" (٥)، "إن هذا الدين يسر وليس بالعسر" (٦)، و"يسِّرا ولا تعسِّرا" (٧). فاستقراء هذه النصوص وغيرها مما ورد في الكتاب يدل قطعاً على أن التيسير من مقاصد الشريعة. وهي كلها قطعيّة النسبة إلى الشارع لأنها من القرآن وهو قطعي المتن.

والمقاصد الظنّية دونها. لا تحتاج إلى استقراءٍ كبيرٍ لتصرّفات الشريعة. وقد وضع العزُّ بن عبد السلام قاعدةً ترشد إلى طريق معرفة المقاصد الظنية (٨).


(١) سورة البقرة، الآية: ١٨٥.
(٢) سورة الحج، الآية: ٧٨.
(٣) سورة البقرة، الآية: ١٨٧.
(٤) سورة النساء، الآية: ٢٨.
(٥) انظر المقاصد: ١٤٤.
(٦) انظر المقاصد: ١٤٤.
(٧) انظر المقاصد: ١٤٤.
(٨) القواعد: ٢/ ١٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>