للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعكس ذلك الوسائل. فهي الأحكام المشروعة من أجل أن يتم بها تحصيل أحكام أخرى. وهي غير مقصودة لذاتها بل لتحصيل غيرها على الوجه المطلوب، إذ بدونها قد لا يحصل المقصد، أو يحصل معرضاً للاختلال والانحلال. وتعد من الوسائل الأسبابُ المعرّفاتُ للأحكام، والشروط، وانتفاء الموانع وصيغ العقود ونحوُ ذلك.

والوسائل مجعولة في الدرجة الثانية من المقاصد. ولذلك كان من قواعد الفقه أنه إذا سقط اعتبار المقصد سقط اعتبار الوسيلة (١).

وتتعدد الوسائل إلى المقصد الواحد، فتعتبر الشريعة في التكليف بتحصيلها أقوى تلك الوسائل تحصيلاً للمقصد المتوسل إليه، بحيث يحصل كاملاً راسخاً عاجلاً وميسوراً. فإذا تساوت الوسائل في الإفضاء إلى المقصد، باعتبار أحواله كلها، سوّت الشريعة في اعتبارها، وتخيّر المكلف في تحصيل بعضَها دون الآخر.

ومن الوسائل: ما يطلب من تحصيلها تحصيل المقاصد؛ وهي التي يتعلق بها خطاب التكليف، والثانية هي التي تكون سبباً في حصول المقصد الشرعي (٢).

وقد تقرر أن المقاصد الشرعية وما يكون وسيلة إلى حصولها كلها من المقاصد كما أشرنا إليه أعلاه. ولا تخفى أهميتها على أحد. شهد بذلك الأئمة الأعلام الذين نعدُّ منهم:

أولاً: الإمام الجويني الذي اعتبرَ وسيلة المقاصد أحدَ المدارك العلمية، قائلاً في هذا الشأن: فإن عُدِم المطلوب في هذه الدرجات


(١) المقاصد: ٤٠٦.
(٢) المقاصد: ٤٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>