للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (١). تُبرز لنا هذه الآية علامات النبي الأمي وصفاته ومتعلقات تشريعاته. وبيان ذلك في التحرير بعد تفسير قوله جل وعلا: {النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ}.

تناولت هذه الآية الكريمة من سورة الأعراف الحديثَ عن إنزال البشارة بالنبي الأمي الذي اسمه أحمد في التوراة والإنجيل، ودعوةَ أهل الكتاب إلى الإيمان به رسولاً وداعياً إلى الله. ووصفَ شريعته الخاتمة بصفات وعلامات تُميَّزها وتَظهَر بها على الدين كله. فهي تقوم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإباحة الطيبات، ووضع الإصر والأغلال عن هذه الأمة. وبالتأمل فيما جاء من هذا في التحرير والتنوير نلاحظ أن تفسير هذا النص يمكن أن يفصّل القول فيه إلى أربعة أقسام:

الأول: تحدث الشيخ ابن عاشور - رحمه الله - فيه عن أمر الرسول أَهلَ الكتاب بالمعروف ونهيهم عن المنكر. واقتضى هذا بدون شك تحديد معنى {الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ}. فقد أراد سبحانه وجدانَ صفاتِه - صلى الله عليه وسلم - ونعوتِه في كتبهم، وهي صفات لا يشبهه فيها غيره. وهي المكتوبة دون ذاته، لأن الذات لا تُكتب. وقال أبو علي الفارسي في تفسيره لقوله سبحانه: {يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ}: إنها بيان للمكتوب عندهم. ولا يجوز أن تكون حالاً من ضمير يجدونه؛ لأن الضمير راجع للذِّكر والاسم؛ وهذان لا يأمران ويتعيّن أن يكون الضمير مجازاً. والشريعة الإسلامية التي تلك لغتها وأوصافها


(١) سورة الأعراف، الآية: ١٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>