للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينبغي أن تقام عليه الفتوى وقرارات المجامع الفقهية، فإن لم يتسنَّ ذلك فإن تصرفاته يمكن أن تعتمد مسالك أخرى:

١ - فمن واجب الفقيه عند تحقق أن الحكم تعبدي أن يحافظ على صورته، وألا يزيد في تعبّديتها كما لا يضيع أصل التعبّدية. وهذا ما اقتضى، في صدر الإسلام في زمن عمر - رضي الله عنه -، النظر في قضية العول في الميراث (١).

٢ - سلوك بعض الصحابة والأئمة مسلك النظر إلى الحالة التي هي مورد النهي كما في حديث رافع بن خديج في كراء الأراضي. فقد احتُكِم في ضبطها إلى عدة آراء منها رأي ابن عمر، ورأي ابن عباس الذي أورده البخاري في كتاب المزارعة من صحيحه (٢)، ورأي الليث بن سعد. وهكذا أخضعها بعضهم إلى ما كان عليه الأمر في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - وصدر الخلافة الراشدة. وتردد آخرون بين النهي وبين الإقرار على هذا التصرف، وقالت طائفة بعدم جواز ذلك للمخاطرة.

٣ - عند اختلاط الأمر على الناس في حال نظرهم إلى المصالح المتعددة التي لا يمكن تحصيل جميعها، وإلى المفاسد المتعددة التي لا يمكن درء جميعها، نقل عن العز بن عبد السلام تنبيهه إلى طريق الحَلِّ، بقوله: تقديمُ أرجحِ المصلحتين هو الطريق الشرعي، أو درء أرجح المفسدتين كذلك (٣).

وقد تعرض الإمام ابن عاشور إلى المقاصد من مصالح ومفاسد، ولجأ في كتابه أحياناً كثيرة إلى اعتماد أمثلة تطبيقية لنظريته


(١) المقاصد: ١٥٣ - ١٥٥.
(٢) خَ: ٣/ ٧١.
(٣) تساوي المصالح مع تعذر جميعها. القواعد: ١/ ٨٨ - ٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>