للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهما: لا يفيد حكماً بسبب ما ورد فيه من مقامات غير تشريعية كأحوال الوعظ والترغيب والترهيب.

وثانيهما: ما قام على التشريع بدون شك كأحوال القضاء والفتوى والإبلاغ. فهذه تدل على الأحكام التي على المخاطبين بالشريعة الالتزام بها.

وينظر هذا إلى ما عناه الشيخ ابن عاشور من قوله: على العالِم، المتشبع بالإطلاع على مقاصد الشريعة وتصاريفها، أن يفرّق بين مقامات خطابها. فإن منها مقام موعظة وترغيب وترهيب وتبشير وتحذير، ومنها مقام تعليم وتحقيق. فيردّ كل وارد من نصوص الشريعة إلى مورده اللائق، ولا تتجاذبه المتعارضات مجاذبة المماذق. فلا يحتج أحد بما ورد في إثبات أوصاف الموصوف، وإثبات أحد تلك الأوصاف تارة، في سياق الثناء عليه ... فإذا عرضت لنا أخبار شرعية، جمعت بين الإيمان والأعمال في سياق التحذير أو التحريض، لم تكن دليلاً على كون حقيقة أحدهما مركبة ومقوّمة من مجموعهما. فإنما يحتج محتج بسياق التفرقة والنفي، أو بسياق التعليم والتبيين. فلا ينبغي لمنتسب أن يجازف بقولة سخيفة، ناشئة عن قلة تأمل وإحاطة بموراد الشريعة وإغضاءٍ عن غرضها، ويؤول إلى تكفير جمهور المسلمين وانتقاض الجامعة الإسلامية، بل إنما ينظر إلى موارد الشريعة نظرة محيطة حتى لا يكون ممن غابت عنه أشياء وحضره شيء، بل يكون حُكمه في المسألة كحُكم فتاة الحي (١).

ولا شك في أن ما يتوصل به إلى معرفة المقام وتحديده هو


(١) التحرير والتنوير: ١/ ٢٧٣ - ٢٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>