للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن البلد أو مستتراً لا يقدر عليه. ولم يكن هذا الشرط في أبي سفيان موجوداً. وجعل المالكية في مشهور مذهبهم تصرّف الرسول - صلى الله عليه وسلم - في هذه الحالة تصرّفاً بالقضاء، ورجّح منهم الأخذ بالحديث اللخميُّ وابن يونس وابن رشد والمازري (١).

(٣) ومثل هذا اختلافهم في قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قتل قتيلاً فله سلَبه" فمنهم من جعله من التصرّف بالإمامة. وقال: لا يكون ذلك لأحد بغير إذن الإمام، ولا يكون ذلك من الإمام إلا على وجه الاجتهاد. وقال مالك: لم يبلغني عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا يوم حنين. وقال ابن حجر: ذهب الجمهور إلى أن القاتل يستحق السلب سواء قال أمير الجيش قبل ذلك أو لم يقل. وأن هذا فتوى من النبي - صلى الله عليه وسلم - وإخبار عن الحكم الشرعي (٢).

(٤) وكان الاختلاف كبيراً بين العلماء في الاحتجاج بقضايا الأعيان، وبأخبار الآحاد، إذا خالفت القواعد أي الكليات اللفظية أو المعنوية، أو خالفت القياس، أو خالفت عمل أهل المدينة. وهذا من موجبات التحرّي في العمل بخبر الواحد، وبخاصة بعد انتقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى الرفيق الأعلى. واستمر الخلاف بعد ظهور الأئمة المجتهدين وقيام المدارس والمذاهب الفقهية. فكان فريق منهم يأخذ بالاستنباط من ذلك، قاضياً بتحكيم القواعد العامة في التشريع، راداً على ما خالفها من السُّنة، وفريق كان من احتياطه في الأمر عدم التساهل برد الحديث بمجرد عدم موافقته للأصول العامة (٣).


(١) انتصاب الشارع للتشريع. المقاصد: ٩٣ - ٩٤.
(٢) انتصاب الشارع للتشريع. المقاصد: ٩٤ - ٩٥.
(٣) عموم شريعة الإسلام. المقاصد: ٢٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>