للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بقوله: وإني لأعجب فرطَ العجب من إمام الحرمين على جلالة علمه ونفاذ فهمه كيف تردّد في هذا المقام؟! وأما الغزالي فأقبل وأدبر فلحق مرّة بطرف الوفاق لاعتباره المصالح المرسلة، ومرّة بطرف رأي الجويني، إذ تردّد في مقدار المصلحة (١).

واشترطوا للعمل بالمصلحة المرسلة شروطاً أربعة:

(١) أن تكون المصلحة من المصالح التي لم يقم عليها دليل شرعي يلزم منه إلغاؤها. وذلك كالتي تقتضي جواز المساواة في الميراث بين الذكر والأنثى.

(٢) أن تكون المصلحة من المصالح المحقّقة. وذلك كتسجيل العقود فإنه يقلّل من شهادة الزور. فإن كانت المصلحة متوهَّمة لم يَجُزْ العمل بها.

(٣) أن تكون المصلحة من المصالح العامة. فلا يصح تشريع الحكم لقاء المصلحة الخاصة. وهذا ما اقتضى بطلان فتوى يحيى بن يحيى بوجوب الصوم في كفارة الإفطار عمداً دون الإعتاق، وهو من القادرين عليه. أنكر ذلك الفقهاء وقالوا: إنها فتوى تخالف النصّ.

(٤) أن تكون المصلحة معقولة في ذاتها غير جارية في الأمور التعبّدية أو العقوبات. وهي التي تدرك العقول معناها المناسبَ من تشريعها.

وقد عمل الصحابة بالمصلحة وبَنَوا كثيراً من الأحكام عليها.

ومعلوم أن التشريع الإسلامي قام على مراعاة مصالح الناس وتحقيقها للجميع.

ومما اعتمد الحكم فيه على العمل بالمصلحة مسائل كثيرة، نذكر منها:


(١) المقاصد: ٢٤٥، ٢٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>