للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَبُو عَبْدِ الرَّحمَن المَقْبُرِيُّ، عَن ابنِ (١) لَهِيعَةَ فَقَال: صَدَقْتَ، جَزَاكَ اللهُ خَيرًا .. وَهذَا أَشْبَهُ بِكَلامِ عُمَرَ.

-[قَوْلُه]: "مَا عَلَيكم إلَّا تَفْعَلُوا" [٩٥] بِمَنْزِلَةِ قَوْلكَ: مَا عَلَيكَ ألا تَقُوْمَ، أَي: لَيسَ عَلَيكَ أَنْ تمتَنِعَ مِنَ القِيَامِ، وَقَد رُويَ: "لَا" مَكَانَ "مَا" والمَعنَى وَاحِدٌ وَ"لَا" فيها؛ بمعنَى "لَيسَ" والمَعنَى الإبَاحَةُ، وَيَدُلُّ عَلَى ذلِكَ قَوْلُهُ: "ما مِنْ نَسَمة ... " الحدِيثُ، وأَنَ النَاسَ عَزَلُوا بَعدَ أَنْ قَال لَهُم ذلِكَ، وإِبَاحَتُهُ - صلى الله عليه وسلم - ذلِكَ إِنَّمَا كَانَ عَلَى الشَّرِيطَةِ المَعلُوْمَةِ مِنَ الاسْتِبْرَاءِ والاغْتِسَالِ والإجَابَةِ إِلَى التَّوْحِيدِ، هذَا فِي الوثنِيَّاتِ، وَفِي الكِتَابِيَّاتِ الاغْتِسَالُ بَعدَ الاسْتِبْرَاءِ -وإِنْ كَانَ لَمْ يذْكرْ فِي الحَدِيثِ- وَهُوَ كَانَ المُتَعَارفَ عَنْدَهُم الَّذِي لَا يَجُوْزُ سِوَاهُ.

واخْتُلِفَ في الغَزْوَةِ الَّتِي وَقَعَ فِيها هذَا السُّؤَالُ فَقِيلَ: غَزْوَةُ بني المُصطَلِقِ نَفَرٌ مِنْ خُزَاعَةَ أَوْقَعَ بِهِمُ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - بجِهةِ قُدَيد، بِمَوْضِعٍ يُقَالُ لَهُ: المُرَيسِيع (٢).

وَفِي رِوَايَةِ ابنِ عُقْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ يَحيَى، عَنْ ابنِ مُحَيرِيز، أَنَّ أَبَا سَعيدٍ


(١) في الأصل: "أبي".
(٢) المُرَيسِيع: مَوْضِعٌ بينَ مَكَّةَ والمَدِينَة ذَكَرَه يَاقُوت الحَمَوي في "مُعجَم البُلدَان" (٥/ ١١٨)، وذكر القصَّة، يُراجع: السيرَة النَّبوية (٢/ ٢٨٩)، وجوامع السِّيرة (٢٠٣)، والرَّوْض الأنف (٦/ ٤٠٠)، وسُبل الهدى والرَّشاد (٤/ ٤٨٦)، وهو ماء لبني المُصطَلِقِ من خُزَاعَةَ فيه غزوة للنَّبِي - صلى الله عليه وسلم - يَوْمَ السَّبت غُرَّة شَعْبَان سنة (٦ هـ) ومن سَبْي هذه المَعرَكَةِ أَمُّ المُؤمنين جُوَيرِيَة - رضي اللهُ عنها - واسمُها: بَرّةُ بنتُ الحارِث بن أَبي ضِرَار المُصطَلِقِي الخُزَاعي، تزَوَّجَها النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في قِصَّةٍ مَذْكُوْرَة في: المحبرة لابن حبيب (٩١)، وترجمتها في الاستيعاب والإصابة وغيرهما.