للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَذَكَرَ أَنَّ عُمَرَ كَانَ قَائِفًا، ولِذلِكَ مَا اجْتَزَأَ بِقَوْلِ قَايفٍ وَاحِدٍ، اسْتِظْهَارًا علَى فَرَاسَةِ نَفْسِهِ، وإِنَّمَا (١) قَوْمًا أَتَوْهُ يَدَّعُوْنَ أَنَّهُمْ (٢) مِنْ قُرَيشٍ لِيُثْبِتَهُمْ فِيهِمْ، فَنَظَرَ إِلَى وُجُوْهِهِمْ وَأَكُفِّهِمْ ثُمَّ قَال: صُفُّوا العُطُفَ عَلَى مَنَاكِبِكُمْ، وَهِيَ الأرْدِيَةُ، وَاحِدُهَا عِطَافٌ، ثُمَّ قَال: أَدْبِرُوا وأَقْبِلُوا، ثُمَّ قَال: لَيسَتْ بِأَكُفِّ قُرَيشٍ وَلَا شَمَائِلِهَا، إِنَّمَا أَنْتُمْ (٣) مِنْ بَنِي فُلانٍ، وأَكْثَرُ مَا يَتَفَرَّسُ (٤) القَافَةُ في الوُجُوْهِ، والأَكُفِّ، والأقْدَامِ، والحَرَكَاتِ، والأخْلاقِ، وقَال بَعْضُ الشُّعَرَاءِ -يُرِيدُ مَنْ نَفَاهُ عَنْ أَبِيهِ-:

وَقَدْ كَتَبَ الشَّيخَان لِي فِي صَحِيفَتِي ... شَهَادَةَ حَقٍّ أَخْضَعَتْ كُلَّ بَاطِلِ

أَرَادَ بالشَّيخَينِ: أَبَوَيهِ، وَبِصَحِيفَتِهِ: وَجْهُهُ، وَقَال آخَرُ (٥):

أَرِقُّ لأرْحَامٍ أُرَاهَا قَرِيبَةً ... لِحَارِ بنِ كَعْبٍ لا لِجَرْمٍ وَرَاسِبِ

وَأَنَّا نَرَى أَقْدَامَنَا فِي نِعَالِهِمْ ... وَآنافنَا بَينَ بَينَ اللِّحَا والحَوَاجِبِ

وأَخْلاقَنَا إِعْطَاءَنَا وإِبَاءَنَا ... إِذَا مَا أَبَينَا لَا نُدِرُّ لِعَاصِبِ

- ويُقَالُ: زَمْعَةٌ وَزَمَعَةٌ: لُغَتَان (٦). وَمَعْنَى: "فَتَسَاوَقَا" سَاقَ بَعْضُهَا بَعْضًا،


(١) هكَذَا جَاءَ في الأصْلِ، وَلَا شَك أنَّ خَلَلًا مَا لَحِقَ العِبَارَةَ؟ !
(٢) في الأصل: "أنه".
(٣) في الأصل: "وأنتم".
(٤) في الأصل: "يتفرسون".
(٥) الأبيات في الحَمَاسَة (رواية الجواليقي: ١٠٣) لبَعْض بني أَسَد. ويُرَاجَع: شَرْح نَهْج البَلاغَةِ (٣/ ٢٧٦)، وَلَمْ تَرِدْ فِي دِيوَان بَنِي أَسَد الَّذِي جَمَعَهُ الدُّكْتُور مُحَمَّد علي دقلة؟ !
وَالعَاصِب الَّذِي يَشُدُّ فَخِذَي النَّاقَةَ عِنْدَ الحَلْبِ.
(٦) قال اليَفْرُنِيُّ في "الاقتضَابِ": "قال الشَّيخُ - وَفَّقَهُ اللهُ - وَرَأَيتُ: في "تنبيهات الوَقَشِيِّ": صَوَابُهُ زَمَعَةٌ؛ سُمِّي بِوَاحِدِ الزَمَعَات، وهي الشَّعَرَاتُ المُتَعَلِّقَةِ بأنفِ الأَرْنَبِ".