للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَيَقُوْلُ: بَعِيرٌ أَوْ نَعَامَةٌ، فَلَمَّا صَحَا أُخْبِرَ فَأَقْسَمَ أَنْ لَا يَشْرَبَهَا أَبَدًا وَقَال:

رَأَيتُ الخَمْرَ صَالِحَةً وَفِيهَا ... خِصَالٌ كُلُّهَا دَنَسٌ ذَمِيمُ

فَلَا وَاللهِ أَشْرَبُهَا حَيَاتِي ... طِوَال الدَّهْرِ مَا طَلَعَ النُّجُوْمُ

- وَمِنْهُم: عُبَيدُ اللهِ بنُ جَدْعَانَ (١) سَكِرَ فَجَعَلَ يُسَاورُ القَمَرَ، فَلَمَّا صَحَا أُخْبِرَ بِذلِكَ، فَخَجِلَ وَتَرَكَهَا، وَقِيلَ: بَلْ لَطَمَ نَدِيمَهُ فَأَصْبَحَتْ عَينُهُ مُخْضَرَّة، فَقَال: أَبَلَغَ بِيَ السُّكْرُ أَنْ أُوْذِيَ خَلِيلِي؟ ! فَتَرَكَهَا وَقَال:

دعَ الآثَامِ لَا تَقْرَبْ حِمَاهَا ... فَفِي ذَاكَ الجَلَالةُ وَالسَّنَاءُ

هَبِ الأدْيَانَ لَا تتَنْهَاكَ عَنْهَا ... أَمَا يَنْهَاكَ لُبُّكَ وَالحَيَاءُ


= (٤٦٧)، وأدب النُّدماءِ (٥)، وقُطب السُّرور (٣٢٤)، والمُختار (٤٥٥). ولمقِيسٍ أَبْيَاتٌ أُخَرُ في خَبَرِ هَذ القِصَّةَ ذَكَرَهَا الرَّقيقُ القَيرَوَانِيُّ في قُطب السُّرُوْرِ وهي:
تَرَكْتُ الرَّاحَ إِذْ أَبْصَرْتُ رُشْدِي ... فَلَسْتُ بِعَائِدٍ أَبَدًا لِرَاحِ
أَأَشْرَبُ شَرْبَةً تُزْرِي بِعِرْضِي ... وَأُصْبِحُ ضُحْكَةً لِذَوي الصَّلَاحِ
مَعَاذَ اللهِ لَا يُوْدِي بِعَقْلِي ... وَلَا أَشْرِي الخَسَارَةَ بالرِّبَاحِ
سَأَتْرُكُ شُرْبَهَا وأَكُفُّ نَفْسِي ... وَأُلهِيهَا بِأَلْبَانِ اللَّقَاحِ
(١) ابنُ جَدْعَانَ هَذَا تَيمِيٌّ قُرَشِيٌّ، جَوادٌ مَشهورٌ، أَحَدُ حُكَّامِ وَحُكَمَاءِ العَرَبِ في الجَاهِلِيَّةِ، أدركه النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قَبْلَ النَّبوَّةِ. لَهُ أَخْبَار ونوادر وقِصَصٌ. مَاتَ قبل البعثة. يُراجع: المُحَبَّر (١٣٧)، والخِزَانة (٣/ ٥٣٧) ... وله أخبارٌ في السِّيرة النَّبويَّة، والأَغاني ... وغَيرُهُما. ويُقَالُ: عبدُ الله مُكَبَّرًا، وعُبَيدُ اللهِ مُصَغَّرًا. والخَبَرُ في المحبَّرِ (٢٣٧)، وقطب السُّرور (٤٢٣)، والمختار (٤٥٦)، ولم يَذْكُرُوا الأبيات المذكورة هُنَا، وذكروا قوله:
شَرِبْتُ الخَمْرَ حَتَّى قَال قَوْمِي ... أَلسْتَ عَنِ السَّفَاهِ بمُسْتَفِيقٍ
وَحَتَّى مَا أَوَسَّدَ في مَنَامٍ ... أَنَامُ بِهِ سِوَى التُّرْبِ السَّحِيقِ
وَحَتَّى أَغْلَقَ الحَانُوتُ رَهْنِي ... وأَنكرْتُ العَدُوَّ مِنَ الصَّدِيق