للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ج: ص:  >  >>

[مقدمة لفضيلة الأستاذ الدكتور منيع عبد الحليم محمود]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

أستاذ التفسير وعلوم القرآن وعميد كلية أصول الدين بالقاهرة- جامعة الأزهر الشريف الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه الأطهار الطيبين أفضل الصلاة وأتم التسليم وبعد..

يقول الله تعالى معبرا عن الحكمة فى إرسال سيد الخلق صلى الله عليه وسلم: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ «١» .

ومن دعاء سيدنا إبراهيم، وسيدنا إسماعيل، وهما يرفعان القواعد من البيت: رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ «٢» .

من هذه الآيات ومن غيرها: نعلم أن الحكمة فى إرسال الرسل، إنما هى تبليغ آيات الله، أى تعاليمه وأحكامه وتكاليفه إلى بنى البشر، إن الله تعالى: لم يرد أن يترك البشر دون هداية فى الأمور الأساسية لبناء المجتمع وهى: العقيدة، والأخلاق والتشريع، فأرسل لأهل الأرض الدستور السماوى الذى يؤدى اتباعه والعمل به، إلى تزكية النفس وتطهيرها وصفائها.

فالأديان والرسل إنما كانوا لبيان الأسس والقواعد التى لا يقوم المجتمع الصالح بدونها، وكانوا أيضا لمصلحة الفرد التى تتمثل فى الارتفاع به إلى مستوى التزكية والطهر والصفاء وهو مستوى يجد فيه من يحققه السعادة كل السعادة والبهجة كل البهجة، ويشعر كل من يرتقى فى معارجه منغمسا فى نور هداية الله سبحانه بالسكينة تحيط به وبالطمأنينة تملأ جميع أقطاره ويشعر فوق كل ذلك رضوان من الله أكبر، حكمة إرسال الرسول صلى الله عليه وسلم إذن إنما هى إسعاد المجتمع وإسعاد الفرد والرقى بالجميع وبالإنسانية إلى المستوى الذى يرضاه الله لهما وهو المستوى الربانى.

يقول الله تعالى فى حديث قدسى: «من عادى لى وليّا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلى عبدى بشىء أحب إلى مما افترضت عليه وما يزال عبدى يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذى يسمع به وبصره الذى يبصر به ويده التى يبطش بها، ورجله التى يمشى بها، ولئن سألنى لأعطينه، ولئن استعاذنى لأعيذنه» .


(١) سورة الجمعة: ٢.
(٢) سورة البقرة: ١٢٩.

ج: ص:  >  >>