للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد جاء فى صفته فى حديث ابن أبى هالة: ولا يقبل الثناء إلا من مكافئ، أى: مقارب فى مدحه غير مفرط فيه. وقال ابن قتيبة معناه؛ إلا أن يكون ممن له عليه منة، فيكافئه الآخر، وغلطه ابن الأنبارى: بأنه لا ينفك أحد من إنعام رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، لأن الله بعثه رحمة للعالمين، فالثناء عليه فرض عليهم، لا يتم الإسلام إلا به. قال: وإنما المعنى: لا يقبل الثناء إلا من رجل عرف حقيقة إسلامه.

[أقسام معجزاته ص]

ثم إن حاصل معجزاته وباهر آياته وكراماته- صلى الله عليه وسلم- كما نبه عليه القطب القسطلانى يرجع إلى ثلاثة أقسام:

ماض: وجد قبل كونه، فقضى بمجده.

ومستقبل: وقع بعد مواراته فى لحده.

وكائن معه من حين حمله ووضعه إلى أن نقله الله إلى محل فضله وموطن جمعه.

[القسم الأول ما كان قبل ظهوره]

فأما القسم الأول الماضى وهو ما كان قبل ظهوره إلى هذا الوجود، فقد ذكرت منه جملة فى المقصد الأول، كقصة الفيل وغير ذلك، مما هو تأسيس لنبوته وإرهاص لرسالته، قال الإمام فخر الدين الرازى: ومذهبنا: أنه يجوز تقديم المعجزة تأسيسا وإرهاصا، قال: ولذلك قالوا: كانت الغمامة تظله، يعنى فى سفره قبل النبوة، خلافا للمعتزلة القائلين بأنه لا يجوز أن تكون المعجزة قبل الإرسال. انتهى.

وقد تقدم أول هذا المقصد: أن الذى عليه جمهور أئمة الأصول وغيرهم: أن هذا ونحوه مما هو متقدم على الدعوى لا يسمى معجزة، بل تأسيسا للرسالة وكرامة للرسول- صلى الله عليه وسلم-.

وأما القسم الثانى ما وقع بعد وفاته- ص:

وهو ما وقع بعد وفاته- صلى الله عليه وسلم- فكثير جدّا، إذ فى


- المرأة، والدارمى فى «سننه» (١٤٦٣) ، والحاكم فى «المستدرك» (٢/ ٢٠٤) من حديث قيس بن سعد- رضى الله عنه-، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن أبى داود» .