للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

«وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا» «١» هو فى مرضه القديم. وقد صلى فى مرضه الذى مات فيه جالسا والناس خلفه قياما لم يأمرهم بالقعود، وإنما يؤخذ بالآخر فالآخر من أمره- صلى الله عليه وسلم- انتهى.

وقال الشافعى وأبو حنيفة وجمهور السلف: لا يجوز للقادر على القيام أن يصلى خلف القاعد إلا قائما، واحتجوا بأنه- صلى الله عليه وسلم- صلى فى مرض موته بعد هذا قاعدا، وأبو بكر والناس خلفه قياما. وإن كان بعض العلماء زعم أن أبا بكر- رضى الله عنه- كان هو الإمام، والنبى- صلى الله عليه وسلم- مقتد به، لكن الصواب أن النبى- صلى الله عليه وسلم- كان هو الإمام.

[الباب الثانى فى ذكر صلاته ص الجمعة]

عن أنس بن مالك قال: أتى جبريل النبى- صلى الله عليه وسلم- بمرآة بيضاء فيها نكتة سوداء، فقال النبى- صلى الله عليه وسلم-: «ما هذا؟» فقال: هذه الجمعة فضلت بها أنت وأمتك، الناس لكم فيها تبع- اليهود والنصارى- ولكم فيها خير، ولكم فيها ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يدعو الله بخير إلا استجيب له، وهو عندنا يوم المزيد، فقال النبى- صلى الله عليه وسلم-: «يا جبريل: وما يوم المزيد؟» فقال: إن ربك اتخذ فى الفردوس واديا أقبح فيه كثيب من مسك، فإذا كان يوم الجمعة أنزل الله ما شاء من ملائكته، وحوله منابر من نور عليها مقاعد النبيين، وحفت تلك المنابر بمنابر من ذهب مكللة بالياقوت والزمرد عليها الشهداء والصديقون، فجلسوا من ورائهم على تلك الكثب، فيقول الله تعالى: أنا ربكم، قد صدقتكم وعدى، فسلونى أعطكم، فيقولون: ربنا نسألك رضوانك، فيقول:

قد رضيت عنكم، ولكم ما تمنيتم ولدى مزيد، فهم يحبون يوم الجمعة لما يعطيهم ربهم فيه من الخير، وفيه استوى ربك على العرش «٢» . رواه الشافعى فى مسنده.


(١) صحيح: أخرجه البخارى (٦٨٩) وقد تقدم فى الذى قبله.
(٢) أخرجه الشافعى فى «مسنده» (٧٠) من حديث أنس بن مالك- رضى الله عنه-.