للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رسل الرسل من بنى آدم إليهم لا رسل الله، لقوله تعالى: وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ «١» ، قاله بعض العلماء.

[ومنها: أنه أرسل الملائكة]

فى أحد القولين، ورجحه السبكى. قال تعالى: تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً «٢» ولا نزاع أن المراد بالعبد هاهنا محمد- صلى الله عليه وسلم-، والعالم هو ما سوى الله تعالى، فيتناول جميع المكلفين من الجن والإنس والملائكة، وبطل بذلك قول من قال:

إنه كان رسولا إلى البعض دون البعض، لأن لفظ «العالمين» يتناول جميع المخلوقات، فتدل الآية على أنه رسول إلى جميع الخلق.

ولو قيل لمدعى «خروج الملائكة من هذا العموم» أقم الدليل عليه ربما عجز عنه، فإنه يحتمل أن يكون من الملائكة من أنذره- صلى الله عليه وسلم- إما ليلة الإسراء وإما غيرها. لكن لا يلزم من الإنذار والرسالة إليهم فى شىء خاص أن يكون بالشريعة كلها.

وإذا قلنا إن الملائكة هم مؤمنو الجن السماوية، فإذا ركب هذا مع القول بعموم الرسالة للجن الذى قام الإجماع عليه، لزم عموم الرسالة لهم، لكن القول بأن الملائكة من الجن قول شاذ.

والجمهور: على أن «العالمين» فى آية الفرقان عام مخصوص بالجن والإنس كما فسر بهما حديث «وأرسلت إلى الخلق كافة» المروى فى مسلم.

وصرح الحليمى والبيهقى- فى الباب الرابع من شعب الإيمان- بأنه- صلى الله عليه وسلم- لم يرسل إلى الملائكة، وفى الباب الخامس عشر بانفكاكهم من شرعه. وفى تفسير الإمام فخر الدين الرازى، والبرهان للنسفى: حكاية الإجماع فى تفسير آية الفرقان على أنه لم يكن رسولا إليهم، كما حكاه العلامة الجلال المحلى والله أعلم.


(١) سورة الأحقاف: ٢٩.
(٢) سورة الفرقان: ١.