وتترجح البيض بكونها وسط الشهر، ووسط الشئ أعدله، ولأن الكسوف غالبا يقع فيها وقد ورد الأمر بمزيد العبادة إذا وقع، فإذا اتفق الكسوف صادف الذى يعتاد صيام البيض صائما، فيتهيأ له أن يجمع بين أنواع العبادات من الصيام والصلاة والصدقة، بخلاف من لم يصمها فإنه لا يتهيأ له استدراك صيامها. ورجح بعضهم صيام الثلاثة فى أول الشهر، لأن المرء لا يدرى ما يعرض له من الموانع، والله أعلم.
[النوع الخامس فى ذكر اعتكافه ص واجتهاده في العشر الأخير من رمضان وتحريه ليلة القدر]
اعلم أن الاعتكاف فى اللغة: الحبس والمكث واللزوم. وفى الشرع:
المكث فى المسجد من شخص مخصوص بصفة مخصوصة. ومقصوده وروحه عكوف القلب على الله، وجمعيته عليه، والفكر فى تحصيل مراضيه وما يقرب منه، فيصير أنسه بالله بدلا عن أنسه بالخلق، ليكون ذلك أنسه يوم الوحشة فى القبر حين لا أنيس له. وليس بواجب إجماعا، إلا على من نذره، وكذا من شرع فيه فقطعه عامدا عن قوم. واختلف فى اشتراط الصوم له:
ومذهب الشافعى: أنه ليس بشرط لصحة الاعتكاف، بل يصح اعتكاف المفطر.
وقال مالك وأبو حنيفة والأكثرون: يشترط الصوم، فلا يصح اعتكاف المفطر.
واحتج الشافعى باعتكافه- صلى الله عليه وسلم- فى العشر الأول من شوال «١» . رواه
(١) صحيح: أخرجه مسلم (١١٧٣) فى الاعتكاف، باب: متى يدخل من أراد الاعتكاف معتكفه، من حديث عائشة. ولم يروه البخارى بهذا اللفظ.