للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

له آية الفرقان فى عين جمعه ... جوامع آيات بها اتضح الرشد

حديث نزيه عن حدوث منزه ... قديم صفات الذات ليس له ضد

بلاغ بليغ للبلاغة معجز ... له معجزات لا يعد لها عد

تحلت بروح الوحى حلة نسجه ... عقود اعتقاد لا يحل لها عقد

وغاية أرباب البلاغة عجزهم ... لديه وإن كانوا هم الألسن اللد

فأفاكهم بالإفك أعياه غيه ... تصدى وللأسماع عن غيه صد

قلى الله أقوالا يهاجر هجرها ... هوانا بها الورهاء والبهم البلد «١»

تلاها فتلّ الفحش فى القبح وجهها ... وعن ريبها الألباب نزهها الزهد

لقد فرق الفرقان شمل فريقه ... بجمع رسول الله واستعلن الرشد

أتى بالهدى صلى عليه إلهه ... ولم يله بالأهواء إذ جاءه الجد

[* والثالث: أن وجه إعجازه هو أن قارئه لا يمله]

، وسامعه لا يمجه، بل الإكباب على تلاوته يزيده حلاوة، وترديده يوجب له محبة وطلاوة، لا يزال غضّا طريّا، وغيره من الكلام ولو بلغ فى الحسن والبلاغة ما بلغ يمل مع الترديد، ويعادى إذا أعيد، وكتابنا يستلذ به فى الخلوات، ويؤنس بتلاوته فى الأزمات، وسواه من الكتب لا يوجد فيها ذلك، حتى أحدث أصحابها لها لحونا وطرقا، يستجلبون بتلك اللحون تنشيطهم على قراءتها، ولهذا وصف- صلى الله عليه وسلم- القرآن بأنه لا يخلق على كثرة الرد، ولا تنقضى عبره، ولا تفنى عجائبه، هو الفصل ليس بالهزل، لا تشبع منه العلماء، ولا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، هو الذى لم تنته الجن حين سمعته أن قالوا: إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدى إلى الرشد فامنا به «٢» أشار إليه القاضى عياض.

[* والرابع: أن وجه إعجازه هو ما فيه من الإخبار بما كان]

، مما علموه


(١) الورهاء: الحمقاء، والبهم: أولاد الضأن المعز والبقر، والبلد جمع بليد، وهو معروف.
(٢) قلت: ورد بذلك فى حديث عند الترمذى (٢٩٠٦) فى فضائل القرآن، باب: ما جاء فى فضل القرآن، والدارمى فى «سننه» (٣٣٣١) من حديث على- رضى الله عنه-، بسند فيه الحارث والأعور، وهو ضعيف.