للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى أنه- صلى الله عليه وسلم- كان يقول إذا دخل شهر رمضان: «اللهم سلمنى من رمضان، وسلم رمضان لى، وسلمه منى» «١» أى: سلمنى منه حتى لا يصيا بنى فيه ما يحول بينى وبين صومه من مرض أو غيره. وسلمه لى: حتى لا يغم هلاله على فى أوله وآخره، فيلتبس علىّ الصوم والفطر، وسلمه منى: أن تعصمنى من المعاصى فيه. وهذا منه- صلى الله عليه وسلم- تشريع لأمته.

[الفصل الثانى فى صيامه ص برؤية الهلال]

عن عائشة (كان- صلى الله عليه وسلم- يتحفظ من شعبان ما لا يتحفظ من غيره، ثم يصوم لرؤية رمضان، فإن غم عليه عد ثلاثين يوما ثم صام) «٢» . رواه أبو داود. قوله: «فإن غم عليكم» أى: حال بينكم وبينه غيم. «فاقدروا له» من التقدير، أى: قدروا له تمام العدد ثلاثين يوما، ويؤيده قوله فى الرواية السابقة: «فإن غم عليه- صلى الله عليه وسلم- عد ثلاثين» وهو مفسر ل «اقدروا له» ولهذا لم يجتمعا فى رواية. ويؤكده رواية «فاقدروا له ثلاثين» «٣» .

قال المازرى: حمل جمهور الفقهاء قوله- صلى الله عليه وسلم-: «اقدروا» على أن المراد إكمال العدة ثلاثين كما فسره فى حديث آخر، قالوا: ولا يجوز أن يكون المراد حساب المنجمين، لأن الناس لو كلفوا به لضاق عليهم، لأنه لا يعرفه إلا الأفراد، والشرع إنما يعرف الناس بما يعرفه جماهيرهم. انتهى.

وهذا مذهبنا ومذهب مالك وأبى حنيفة، وجمهور السلف والخلف.


(١) أخرجه الطبرانى فى الدعاء، والديلمى وسنده حسن، عن عبادة بن الصامت كما فى «كنز العمال» (٢٤٢٧٧) .
(٢) صحيح: أخرجه أبو داود (٢٣٢٥) فى الصوم، باب: إذا غمى عليكم. من حديث عائشة- رضى الله عنها-، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن أبى داود» .
(٣) صحيح: أخرجه مسلم (١٠٨٠) فى الصيام، باب: وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤية الهلال. من حديث ابن عمر- رضى الله عنهما-.