[النوع الثانى فى أخذ الله الميثاق له على النبيين فضلا ومنة ليؤمنن به إن أدركوه ولينصرنه]
قال الله تعالى: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ «١» الآية. أخبر تعالى أنه أخذ الميثاق على كل نبى بعثه، من لدن آدم- عليه الصلاة والسلام- إلى محمد- صلى الله عليه وسلم- أن يصدق بعضهم بعضا، قاله الحسن وطاووس وقتادة. وقيل معناه: أنه تعالى أخذ الميثاق من النبيين وأممهم، واستغنى بذكرهم عن ذكر الأمم.
وعن على بن أبى طالب وابن عباس: ما بعث الله نبيّا من الأنبياء إلا أخذ عليه الميثاق لئن بعث محمد- صلى الله عليه وسلم- وهو حى- ليؤمنن به ولينصرنه. وما قاله قتادة والحسن وطاووس لا يضاد ما قاله على وابن عباس، ولا ينفيه بل يستلزمه ويقتضيه.
وقيل معناه: أن الأنبياء- عليهم الصلاة والسلام- كانوا يأخذون الميثاق من أممهم بأنه إذا بعث محمد- صلى الله عليه وسلم- أن يؤمنوا به وأن ينصروه، واحتج له بأن الذين أخذ الله الميثاق منهم يجب عليهم الإيمان بمحمد- صلى الله عليه وسلم- عند مبعثه، وكان الأنبياء عند مبعث محمد- صلى الله عليه وسلم- من جملة الأموات، والميت لا يكون مكلفا، فتعين أن يكون الميثاق مأخوذا على الأمم. وقالوا: ويؤكد هذا، أنه تعالى حكم على الذين أخذ عليهم الميثاق بأنهم لو تولوا لكانوا فاسقين، وهذا الوصف لا يليق بالأنبياء، وإنما يليق بالأمم.
وأجاب الفخر الرازى: بأن يكون المراد من الآية أن الأنبياء لو كانوا فى الحياة لوجب عليهم الإيمان بمحمد- صلى الله عليه وسلم-. ونظيره قوله تعالى لَئِنْ