للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ذكر طبه ص من الطاعون:]

قال الخليل «١» : الطاعون الوباء، وقال ابن الأثير: الطاعون المرض العام والوباء الذى يفسد له الهواء فتفسد به الأمزجة والأبدان، وقال القاضى أبو بكر بن العربى: الطاعون، الوجع الغالب الذى يطفئ الروح، سمى بذلك لعموم مصابه وسرعة قتله، وقال أبو الوليد الباجى: وهو مرض يعم الكثير من الناس فى جهة من الجهات، بخلاف المعتاد من أمراض الناس. وقال القاضى عياض: أصل الطاعون القروح الخارجة فى الجسد، والوباء عموم الأمراض فسميت طاعونا تشبيها بها فى الهلاك. وقال النووى فى تهذيبه: هو بثر وورم مؤلم جدّا ويخرج مع لهب، ويسود ما حوله أو يخضر أو يحمر حمرة شديدة بنفسجية كدرة، ويحصل معه خفقان وقئ، ويخرج غالبا فى المراق والآباط، وقد يخرج فى الأيدى والأصابع وسائر البدن.

وقال ابن سينا: الطاعون مادة سمية تحدث ورما قتالا يحدث فى المواضع الرخوة والمغابن من البدن، وأغلب ما يكون تحت الإبط، أو خلف الأذن، أو عند الأربية، وسببه ورم ردئ يستحيل إلى جوهر سمى يفسد العضو، ويغير ما يليه، ويؤدى إلى القلب كيفية رديئة تحدث القئ والغثيان والغشى والخفقان، وهو لرداءته لا يقبل من الأعضاء إلا ما كان أضعف بالطبع، وأردؤه ما يقع فى الأعضاء الرئيسة، والأسود منه قلّ من يسلم منه، وأسلمه الأحمر ثم الأصفر، والطواعين تكثر عن الوباء فى البلاد الوبيئة، ومن ثم أطلق على الطاعون وباء وبالعكس، وأما الوباء: فهو فساد جواهر الهواء الذى هو مادة الروح ومدده.

والحاصل: أن حقيقته ورم ينشأ عن هيجان الدم وانصباب الدم إلى عضو فيفسده، وأن غير ذلك من الأمراض العامة الناشئة عن فساد الهواء، يسمى طاعونا بطريق المجاز، لاشتراكهما فى عموم المرض أو كثرة الموت.


(١) هو: الخليل بن أحمد الفراهيدى، اللغوى المشهور، عنه أخذ سيبويه علم اللغة، وإليه ينسب نشأة علم العروض.