للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يدعى أنه رسول إلى كل الناس، فلو كذبوه فيه لزم التناقض، أشار إليه صاحب المعالم «١» .

ومنها: نصره- صلى الله عليه وسلم- بالرعب مسيرة شهر

«٢» ، والشهر قدر قطع القمر درجات الفلك المحيط، فهو أسرع قاطع، لعموم رعبه فى قلوب أعدائه، فلا يقبل الرعب إلا عدو مقصود ليتميز السعيد من الشقى، ومفهوم هذا: أنه لم يوجد لغيره النصر بالرعب فى هذه المدة، ولا فى أكثر منها، أما ما دونها فلا، لكن لفظ رواية عمرو بن شعيب: «ونصرت على العدو بالرعب ولو كان بينى وبينهم مسيرة شهر» «٣» فالظاهر اختصاصه به مطلقا. وإنما جعل الغاية شهرا، لأنه لم يكر بين بلده- صلى الله عليه وسلم- وبين أحد من أعدائه أكثر من شهر وهذه الخصوصية حاصلة له على الإطلاق، حتى ولو كان وحده بغير عسكر، وهل هى حاصلة لأمته من بعده، فيه احتمال.

[ومنها: إحلال الغنائم ولم تحل لأحد قبله.]

وقد كان من تقدم على ضربين، منهم من لم يؤذن له فى الجهاد، فلم تكن له مغانم، ومنهم من أذن له فيه، لكن كانوا إذا غنموا شيئا لم يحل لهم أن يأكلوه، وجاءت نار فأحرقته «٤» . قال بعضهم: أعطى- صلى الله عليه وسلم- ما يوافق شهوة أمته، لأن النفوس لها التذاذ بها، لكونها حصلت لهم عن غير قهر منهم لتحصيلها وغلبة، فلا يريدون أن يفوتهم التنعم بها فى مقابلة ما قاسوه من الشدة والتعب.

[ومنها: جعل الأرض له ولأمته مسجدا وطهورا]

«٥» ، والمراد: موضع


(١) يقصد كتاب «معالم السنن» للخطابى.
(٢) صحيح: وقد ثبت ذلك فى حديث أخرجه مسلم (٢٢١) فى المساجد، باب: رقم (١) من حديث جابر- رضى الله عنه-.
(٣) حسن: أخرجه أحمد فى «المسند» (٢/ ٢٢٢) ، من حديث عبد الله بن عمرو- رضى الله عنهما-.
(٤) صحيح: والحديث الدال على ذلك أخرجه البخارى (٣١٢٤) فى فرض الخمس، باب: قول النبى- صلى الله عليه وسلم-: «أحلت لكم الغنائم» ، ومسلم (١٧٤٧) فى الجهاد والسير، باب: تحليل الغنائم لهذه الأمة خاصة، من حديث أبى هريرة- رضى الله عنه-.
(٥) صحيح: وهو جزء من حديث جابر المتقدم قريبا.