للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى هذا، فيباح له أن يوصى بجميع ماله للفقراء، ويمضى ذلك بعد موته بخلاف غيره فإنه لا يمضى مما أوصى به إلا الثلث بعد موته.

وكذلك الأنبياء لا يورثون، لما رواه النسائى من حديث الزبير مرفوعا:

«إنا معاشر الأنبياء لا نورث» «١» وعلى هذا فيجاب عن قوله تعالى: وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُدَ «٢» . وقوله: فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (٥) يَرِثُنِي «٣» . بأن المراد إرث النبوة والعلم.

[* ومنها: أنه حى فى قبره،]

ويصلى فيه بأذان وإقامة وكذلك الأنبياء، ولهذا قيل: لا عدة على أزواجه.

وقد حكى ابن زبالة «٤» ، وابن النجار أن الأذان ترك فى أيام الحرة «٥» ثلاثة أيام وخرج الناس، وسعيد بن المسيب فى المسجد، قال سعيد:

فاستوحشت فدنوت إلى القبر فلما حضرت الظهر سمعت الأذان فى القبر فصليت الظهر، ثم مضى ذلك الأذان والإقامة فى القبر لكل صلاة حتى مضت الثلاث ليال، ورجع الناس وعاد المؤذنون فسمعت أذانهم كما سمعت الأذان فى قبر النبى- صلى الله عليه وسلم-، انتهى.

وقد ثبت أن الأنبياء يحجون ويلبون. فإن قلت: كيف يصلون ويحجون ويلبون وهم أموات فى الدار الآخرة، وليست دار عمل؟

فالجواب: أنهم كالشهداء، بل أفضل منهم، والشهداء أحياء عند ربهم


(١) صحيح: أخرجه البخارى (٦٧٢٨) فى الفرائض، باب: قول النبى- صلى الله عليه وسلم-: «لا نورث» ومسلم (١٧٥٧) فى الجهاد والسير، باب: حكم الفىء، من حديث عمر- رضى الله عنه-، وله قصة.
(٢) سورة النمل: ١٦.
(٣) سورة مريم: ٥، ٦.
(٤) هو: محمد بن الحسن بن زبالة المخزومى المدينى، كذبوه، قاله الحافظ فى «التقريب» (٥٨١٥) .
(٥) أيام الحرة: موقعة مشهورة، وقعت بظاهر المدينة بين أهلها وبين يزيد بن معاوية سنة ٦٣ هـ حين خلعوه عن الخلافة.