للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[النوع الرابع فى التنويه به ص فى الكتب السالفة كالتوراة والإنجيل بأنه صاحب الرسالة والتبجيل]

قال الله تعالى: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ «١» . وهذا يدل على أنه لو لم يكن مكتوبا لكان ذكر هذا الكلام من أعظم المنفرات لليهود والنصارى عن قبول قوله، لأن الإصرار على الكذب والبهتان من أعظم المنفرات، والعاقل لا يسعى فيما يوجب نقصان حاله، وينفر الناس عن قبول مقاله، فلما قال لهم- صلى الله عليه وسلم- هذا دل على أن ذلك النعت كان مذكورا فى التوراة والإنجيل. وذلك من أعظم الدلائل على صحة نبوته.

لكن أهل الكتب كما قال الله تعالى: وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ «٢» ويُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ «٣» ، وإلا فهم- قاتلهم الله- قد عرفوا محمدا- صلى الله عليه وسلم- كما عرفوا أبناءهم، ووجدوه مكتوبا عندهم فى التوراة والإنجيل، لكنهم حرفوهما وبدلوهما ليطفئوا نور الله بأفواههم، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون.

فدلائل نبوة نبينا- صلى الله عليه وسلم- فى كتابيهما- بعد تحريفهما- طافحة، وأعلام شريعته ورسالته فيهما لائحة، وكيف يغنى عنهم إنكارهم، وهذا اسم النبى- صلى الله عليه وسلم- بالسريانية «مشفح» ، فمشفح، محمد بغير شك، واعتباره أنهم يقولن «شفحا لاها» إذا أرادوا أن يقولوا: الحمد لله، وإذا كان الحمد، شفحا، فمشفح: محمد، ولأن الصفات التى أقروا بها هى وفاق لأحواله وزمانه، ومخرجه ومبعثه وشريعته- صلى الله عليه وسلم-، فليدلونا على من هذه الصفات له، ومن خرجت له الأمم من بين يديه، وانقادت له واستجابت لدعوته. ومن صاحب الجمل الذى هلكت بابل وأصنامها به؟


(١) سورة الأعراف: ١٥٧.
(٢) سورة البقرة: ١٤٦.
(٣) سورة المائدة: ١٣.