للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فسمعت به بنو لحيان فهربوا فى رؤس الجبال، فلم يقدر منهم على أحد، فأقام يوما أو يومين يبعث السرايا فى كل ناحية. ثم خرج حتى أتى عسفان فبعث أبا بكر فى عشرة فوارس لتسمع به قريش فيذعرهم، فأتوا كراع الغميم، ثم رجعوا ولم يلقوا أحدا.

وانصرف- صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة ولم يلق كيدا وهو يقول: «آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون» «١» وغاب عن المدينة أربع عشرة ليلة.

غزوة الغابة «٢» :

وتعرف بذى قرد- بفتح القاف والراء وبالدال المهملة- وهو ماء على بريد من المدينة. فى ربيع الأول سنة ست، قبل الحديبية.

وعند البخارى أنها كانت قبل خيبر بثلاثة أيام، وفى مسلم نحوه.

قال مغلطاى: وفى ذلك نظر لإجماع أهل السير على خلافهما. انتهى.

قال القرطبى شارح مسلم: لا يختلف أهل السير أن غزوة ذى قرد كانت قبل الحديبية.

وقال الحافظ ابن حجر: ما فى الصحيح من التاريخ لغزوة ذى قرد أصح مما ذكر أهل السير «٣» . انتهى.


(١) صحيح: أخرجه البخارى (٣٠٨٥ و ٣٠٨٦) فى الجهاد والسير، باب: ما يقول إذا رجع من الغزو، ومسلم (١٣٤٥) فى الحج، باب: ما يقول إذا قفل من سفر الحج وغيره، من حديث أنس- رضى الله عنه-.
(٢) موضع قرب المدينة من ناحية الشام، فيه أموال لهم.
(٣) قاله الحافظ فى «الفتح» (٧/ ٤٠٦) وتتمة قوله: ويحتمل فى طريق الجمع أن تكون إغارة عينية بن حصن على اللقاح وقعت مرتين الأولى التى ذكرها ابن إسحاق وهى قبل الحديبية، والثانية بعد الحديبية قبل الخروج إلى خيبر، وكان رأس الذين أغاروا عبد الرحمن بن عيينة كما فى سياق سلمة عند مسلم ويؤيده أن الحاكم ذكر فى «الإكليل» أن الخروج إلى ذى قرد تكرر، ففى الأولى خرج إليها زيد بن حارثة قبل أحد، وفى الثانية خرج إليها النبى- صلى الله عليه وسلم- فى ربيع الآخر سنة خمس، والثالثة هذه المختلف فيها. انتهى، فإذا ثبت هذا قوى هذا الجمع الذى ذكرته، والله أعلم.