وكانت غيبته- صلى الله عليه وسلم- فى هذه الغزوة ثمانية وعشرين يوما.
[غزوة الخندق:]
وهى الأحزاب: جمع حزب، أى طائفة.
فأما تسميتها بالخندق: فلأجل الخندق الذى حفر حول المدينة بأمره صلى الله عليه وسلم-، ولم يكن اتخاذ الخندق من شأن العرب، ولكنه من مكايد الفرس.
وكان الذى أشار بذلك سلمان، فقال: يا رسول الله، إنا كنا بفارس إذا حوصرنا خندقنا علينا، فأمر النبى- صلى الله عليه وسلم- بحفره، وعمل فيه بنفسه ترغيبا للمسلمين.
وأما تسميتها بالأحزاب، فلاجتماع طوائف من المشركين على حرب المسلمين، وهم: قريش وغطفان واليهود ومن معهم. وقد أنزل الله تعالى فى هذه القصة صدرا من سورة الأحزاب.
واختلف فى تاريخها:
فقال موسى بن عقبة: كانت فى شوال سنة أربع.
وقال ابن إسحاق: كانت فى شوال سنة خمس، وبذلك جزم غيره من أهل المغازى.
ومال البخارى إلى قول موسى بن عقبة، وقواه بقول ابن عمر: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عرضه يوم أحد وهو ابن أربع عشرة فلم يجزه، وعرضه يوم الخندق وهو ابن خمس عشرة فأجازه «١» . فيكون بينهما سنة واحدة، وأحد كانت سنة ثلاث، فتكون الخندق سنة أربع.
ولا حجة فيه إذا ثبت لنا أنها كانت سنة خمس، لاحتمال أن يكون ابن عمر. فى أحد كان أول ما طعن فى الرابعة عشر، وكان فى الأحزاب استكمل الخمس عشرة، وبهذا أجاب البيهقى.
(١) صحيح: والحديث أخرجه البخارى (٢٦٦٤) فى الشهادات، باب: بلوغ الصبيان وشهادتهم، ومسلم (١٨٦٨) فى الإمارة، باب: بيان سن البلوغ.