للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[النوع العاشر فى إزالة الشبهات عن آيات وردت فى حقه ص متشابهات]

قال الله تعالى: وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى «١» . اعلم أنه قد اتفق العلماء على أنه- صلى الله عليه وسلم- ما ضل لحظة واحدة قط، وهل هو جائز عقلا على الأنبياء- صلوات الله وسلامه عليهم- قبل النبوة؟ قالت المعتزلة: هو غير جائز عقلا لما فيه من التنفير. وعند أصحابنا: أنه جائز فى العقول، ثم يكرم الله من أراد بالنبوة، إلا أن الدليل السمعى قام على أن هذا الجائز لم يقع لنبى، قال الله تعالى: ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى «٢» قاله الإمام فخر الدين.

وقال الإمام أبو الفضل اليحصبى فى «الشفاء» : والصواب أنهم معصومون قبل النبوة من الجهل بالله وصفاته، والتشكك فى شىء من ذلك، وقد تعاضدت الأخبار والآثار عن الأنبياء بتنزيههم عن هذه النقيصة منذ ولدوا، ونشأتهم على التوحيد والإيمان، بل على إشراق أنوار المعارف، ونفحات ألطاف السعادة، ولم ينقل أحد من أهل الأخبار أن أحدا نبئ واصطفى ممن عرف بكفر وإشراك قبل ذلك، ومستند هذا الباب النقل.

ثم قال: وقد استبان لك بما قررناه ما هو الحق من عصمته- صلى الله عليه وسلم- عن الجهل بالله وصفاته، أو كونه على حالة تنافى العلم بشىء من ذلك كله جملة بعد النبوة عقلا وإجماعا، وقبلها سمعا ونقلا، ولا بشىء مما قررناه من أمور الشرع وأداه عن ربه من الوحى قطعا، عقلا وشرعا، وعصمته عن الكذب وخلف القول منذ نبأه الله وأرسله، قصدا وغير قصد، واستحالة ذلك عليه شرعا وإجماعا، نظرا وبرهانا، وتنزيهه عنه قبل النبوة قطعا، وتنزيهه عن الكبائر إجماعا، وعن الصغائر تحقيقا، وعن استدامة السهو والغافلة، واستمرار الغلط والنسيان عليه فيما شرعه للأمة، وعصمته فى كل حالاته من رضى وغضب، وجد ومزح، ما يجب لك أن تتلقاه باليمين، وتشد عليه يد


(١) سورة الضحى: ٧.
(٢) سورة النجم: ٢.