وروى ابن النجار مرفوعا:«مقبرتان مضيئتان لأهل السماء كما تضئ الشمس والقمر لأهل الدنيا: بقيع الغرقد ومقبرة بعسقلان» ، وعن كعب الأحبار قال: نجدها فى التوراة- يعنى مقبرة المدينة- كقبة محفوفة بالنخيل موكل بها ملائكة كلما امتلأت أخذوها مكفؤوها فى الجنة.
وأخرج أبو حاتم من حديث ابن عمر: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال:«أنا أول من تنشق عنه الأرض، ثم أبو بكر ثم عمر، ثم آتى البقيع فيحشرون معى، ثم أنتظر أهل مكة حتى يحشروا بين الحرمين»«١» .
[الفصل الثالث]
فى تفضيله- صلى الله عليه وسلم- فى الآخرة بفضائل الأوليات الجامعة لمزايا التكريم وعلى الدرجات العاليات وتحميده بالشفاعة والمقام المحمود، المغبوط عليه من الأولين والآخرين، وانفراده بالسؤدد فى مجمع جامع الأنبياء والمرسلين، وترقيه فى جنات عدن أرقى مدارج السعادة، وتعاليه يوم المزيد فى أعلى معالى الحسنى وزيادة.
اعلم أن الله تعالى كما فضل نبينا- صلى الله عليه وسلم- فى البدء بأن جعله أول الأنبياء فى الخلق، وأولهم فى الإجابة فى عالم الذر، يوم ألست بربكم، فضل له ختم كمال الفضائل فى العود، فجعله أول من تنشق عنه الأرض، وأول شافع وأول مشفع، وأول من يؤذن له بالسجود، وأول من ينظر إلى رب العالمين، والخلق محجوبون عن رؤيته إذ ذاك، وأول الأنبياء يقضى بين أمته، وأولهم إجازة على الصراط بأمته، وأول داخل الجنة، وأمته أول الأمم دخولا إليها. وزاده لطائف التحف ونفائس الطرف ما لا يحد ولا يعد:
فمن ذلك أنه يبعث راكبا، وتخصيصه بالمقام المحمود، ولواء الحمد تحته آدم فمن دونه من الأنبياء، واختصاصه أيضا بالسجود لله تعالى أمام العرش،
(١) ضعيف: أخرجه الترمذى (٣٦٩٢) فى المناقب، باب: رقم (٧٢) ، وابن حبان فى «صحيحه» (٦٨٩٩) ، والحديث ضعفه الشيخ الألبانى فى «ضعيف الجامع» (١٣١٠) .