للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما يفتحه الله عليه فى سجوده من التحميد والثناء عليه ما لم يفتحه على أحد قبله ولا يفتحه على أحد بعده زيادة فى كرامته وقربه، وكلام الله له: يا محمد، ارفع رأسك، وقل تسمع، وسل تعط، واشفع تشفع، ولا كرامة فوق هذا إلا النظر إليه تعالى.

ومن ذلك: تكراره فى الشفاعة، وسجوده ثانية وثالثة، وتجديد الثناء عليه بما يفتح الله عليه.

ومن ذلك: كلام الله تعالى له فى كل سجدة: يا محمد ارفع رأسك وقل تسمع واشفع تشفع، فعل المدل على ربه الكريم عليه الرفيع عنده، المحب ذلك منه تشريفا له وتكريما وتبجيلا وتعظيما.

ومن ذلك: قيامه عن يمين العرش، ليس أحد من الخلائق يقوم ذلك المقام غيره، يغبطه فيه الأولون والآخرون، وشهادته بين الأنبياء وأممهم، وإتيانهم إليه يسألونه الشفاعة ليريحهم من غمهم وعرقهم وطول وقوفهم، وشفاعته فى أقوام قد أمر بهم إلى النار.

ومنها: الحوض، الذى ليس فى الموقف أكثر أوان منه، وأن المؤمنين كلهم لا يدخلون الجنة إلا بشفاعته.

ومنها: أنه يشفع فى رفع درجات أقوام لا تبلغها أعمالهم.

وهو صاحب الوسيلة التى هى أعلى منزلة فى الجنة، إلى غير ذلك مما يزيده تعالى به جلالة وتعظيما وتبجيلا وتكريما على رؤس الأشهاد من الأولين والآخرين والملائكة أجمعين. ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.

فأما تفضيله- صلى الله عليه وسلم- بأولية انشقاق القبر المقدس عنه، فروى مسلم من حديث أبى هريرة قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأنا أول من ينشق عنه القبر وأول شافع وأول مشفع» «١» .


(١) صحيح: أخرجه مسلم (٢٢٧٨) فى الفضائل، باب: تفضيل نبينا على جميع الخلائق. من حديث أبى هريرة- رضى الله عنه-.